نكشف المسكوت عنه في ملف “الأرض الملعونة” بقرى دشنا -
مئات القتلى لقوا حتفهم بسبب النزاع على ملكية الأرض.. ومواطنون “خربت بيوت”
فدان يفتح بحر الدم في السمطا والثأر يعود في فاو قبلي وبحري بسبب بضع قراريط
مطالب بتفعيل لجان المصالحات العرفية وتفعيل مبادرة جمع الأسلحة من المواطنين
فدان يفتح بحر الدم في السمطا والثأر يعود في فاو قبلي وبحري بسبب بضع قراريط
مطالب بتفعيل لجان المصالحات العرفية وتفعيل مبادرة جمع الأسلحة من المواطنين
شهدت مدينة دشنا وغالبية القرى التابعة لها خلال الأشهر القليلة الماضية، ارتفاعًا غير مسبوقًا في معدلات الجريمة، وأصبح دوي طلقات الرصاص والأسلحة الخفيفة والثقيلة منها أمرًا معتادًا لدى الأهالي، ومعها ارتفعت وتيرة العنف والاشتباكات التي خلفت ورائها عشرات القتلى، بسبب النزاع على ملكية الأرض، فبدلا من أن تكون واحة خير لأصحابها أصبحت نذير شؤم تشرب كل يوم من دماء أصحابها.
الطمع
“فتش عن الطمع يا أستاذ هو المحرك لكل أزماتنا” بهذه الجملة استهل العم فاروق عبدالقوي، مزارع، حديثه معنا، معتقدًا أنه الدافع الرئيسي لكل النزاعات والخلافات التي تحدث بين الأهالي وبعضها البعض في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون، فيلجئون للتناحر على الأرض ومحاولة إثبات ملكيتها لهم، لأنهم يعلمون أنها ستدر عليهم دخلاً كبيرًا.
ويرى حسن عبدالفتاح، موظف، أن الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي، جعل الأهالي يفتشون في أوراقهم القديمة للبحث عن أي سند يثبت أحقيتهم في أي ميراث لقطعة أرض، مشيرًا إلى أن هناك من يزور عقود وذمم في أحيان كثيرة لينال نصيبًا من الأرض التي أصبحت كابوس مزعج للأهالي بسبب الصراع عليها، ولا يكاد يمر أسبوع دون أن يقع ضحايا.
فدان الدم
“الأهالي أطلقوا عليه فدان الدم” هكذا وصف محمود عبدالله، مسؤول أمني بمركز شرطة دشنا، قطعة الأرض المختلف عليها في قرية السمطا، والتي تسبب النزاع بين الأهالي في إثبات ملكيتها في مقتل العديد من الشباب والضحايا، الذين قتلو من غير عمد أثناء اندلاع الاشتباكات المسلحة بين العائلات وبعضها البعض، لافتًا إلى أن الحل الأمثل في مثل هذه الأمور إخضاع صوت العقل وردم تيار الدم الذي يسري في القرية بسبب هذه الأرض، التي تسببت في “خراب بيوت العشرات من الأهالي” بحسب تعبيره.
ويوضح محمد السيد، مسؤول أمني، أن غالبية أن المحاضر التي حررت خلال هذا العام، بسبب النزاع على الأرض، سواء زراعية أو تدخل في كردون المباني، وهناك عشرات المواطنين لقوا حتفهم بسبب الأرض في عدة قرى مثل فاو قبلي وبحري وعزبة الألفي، والسمطا وأبودياب.
ويضيف السيد، أن الأجهزة الأمنية لن تستطيع بمفردها أن توقف تيار الدم ونزاعات الأهالي، مشيرًا إلى أن الشرطة تقوم بشن حملات شبه يومية لضبط الأسلحة والخارجين عن القانون..
المال السايب
يقول بركات الضمراني، مدير مركز حماية لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان بالصعيد، أن التناحر علي الأرضي الزراعية، عادة قديمة توارثتها الأجيال، ومع تغير الأوضاع واتساع المساحات التي تم تبويرها، “وغالبيتها تقع في ملكية الدولة” أصبحت هذه الأراضي تدر ملايين خاصة مع الارتفاع الغير مسبوق في أسعار الأراضي سواء كانت أرض زراعية أو تدخل في نطاق كردون المباني.
ويشير الضمراني، إلى أن الجهات التنفيذية بدأت في الآونة الأخيرة في شن حملات لإزالة تعديات الأهالي على ممتلكات الدولة، التي تسبب إهمالها في تناحر الأهالي عليها، ومعها ظهرت عادة الثأر مرة أخري لتطل علينا بوجهها القبيح، ما أضاف عبئا علي الأجهزة الأمنية، مطالبًا كبار العائلات بالتدخل والفصل في الأراضي المتنازع عليها من خلال الجلسات العرفية.
ضد القانون
ويوضح حمادة عطا، محام، العقوبات التي أقرها القانون في حال الاعتداء على حيازة أرض زراعية أو فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو القطاع العام تنص المادة رقم 372 مكرر بالآتي كل من تعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص وقام بزراعتها أو إقامة إنشاءات عليها أو شغلها أو الانتفاع بها بأية صورة يعاقب بالحبس، وبغرامة مالية كبيرة أو بإحدى هاتين العقوبتين ويحكم على الجاني برد العقار، مضيفا أن القانون يقضي بمضاعفة العقوبات المنصوص عليها في حالة العودة للمخالفة مرة أخري.
يري سيد حشمت، مزارع أن هناك أشخاص يعتقدون أنهم بعيدون عن المسائلة القانونية، لافتا إلي أن تساهل الأجهزة التنفيذية وتركها للعديد من الأراضي التابعة لملكية الدولة فاقم من الأزمة، مطالبًا الدولة باستغلال هذه الأماكن بإقامة مصانع ومشروعات لصالح الشباب.
مطالب
ويطالب ياسر علي، مقاول، الأجهزة الأمنية والتنفيذية، بالضرب بيد من حديد علي المخالفين، والمغتصبين لأراضي مملكوه سواء للدولة أو الأهالي، مشيرًا إلى أن هناك أشخاص يفقدون حياتهم بدون ذنب بسبب الاشتباكات المسلحة علي الأراضي التي أصبحت لا تخلو من أي قرية بدشنا.
ويشدد صالح رسلان، محام، على ضرورة تضافر الجهود ونبذ الخلافات، والتخلي عن استخدام العنف الذي سيؤدي بصاحبة إلي القتل أو السجن أو أن يعيش طيلة عمره مطارد، متسائلًا ما قيمة الأرض التي تؤدي إلي “خراب بيوت أصحابها”؟.
ويتمني محمود عبد النعيم، عامل، أن تطبيق المبادرة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ فترة لجمع الأسلحة سلميًا من الأهالي بدون توقيع أي عقوبات، معتقدًا أن الكثير سيرحب بالفكرة في دشنا بشرط أن يضمن عدم ملاحقته أمنيا فيما بعد.
لجان عرفية
ويشدد محمد القاضي، طالب، على دور شباب القرى في تسكين الفتن ووئد الخلافات، مطالبا الشباب المثقف بعقد ندوات أسبوعية للتوعية بالمخاطر التي تعود من وراء الخلافات التي تحدث بين العائلات وبعضها البعض.
ويطالب محمد جاد الله، رئيس المجالس المحلية سابقا، أعضاء مجلس النواب ولجان المصالحات العرفية والعمد وكبار العائلات بعقد جلسات عرفية بين العائلات التي يوجد بينها خلافات، ومحاولة إنهاء الخصومات بعقد مصالحات بالتنسيق مع الجهات التنفيذية بالمحافظة وعلى رأسها محافظ قنا، ومدير الأمن.
ويشدد جاد الله علي ضرورة تفعيل البنود العرفية التي تقضي بتوقيع عقوبات رادعة لكل من ينقض صلحا أو يخالف بنود اتفاق أو معاهدة تم الاتفاق عليها، متمنيًا أن يعم الأمان دشنا مرة أخرى ويعود كما كان في سابق عهده بدون خلافات أو خصومات.
تعليقات
إرسال تعليق