الإخوان.. القوة الناعمة
عندما أبلغت مصر إسرائيل قرارها بوقف تدفق الغاز إليها، اعتبرت صحيفة "معاريف" أن القرار هو أول ثمار فوز جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة بالانتخابات البرلمانية وأن القادم سيكون أسوأ، متوقعة أن تلغى مصر الكثير من أنشطة التعاون مع إسرائيل فى المستقبل نتيجة لضغوط الإخوان المسلمين.
لست هنا بصدد موضوع وقف تدفق الغاز، فأنا بصراحة لا أضمن المسئولين المصريين الحاليين، بل فقدت الثقة فيهم بعد فضيحة تهريب المتهمين الأمريكيين فى قضية التمويل الأجنبى، ولكنى قصدت بهذه المقدمة أن أتناول مدى ذعر إسرائيل من تولى التيار الإسلامى للحكم فى مصر، لدرجة أن صحافتها وكبار مسئوليها يربطون بينه وبين قرار وقف تصدير الغاز الذى قد يكون وراءه أسباب قضائية وليست سياسية نتيجة دعاوى مرفوعة على الشركة المصرية القابضة للغاز (إيجاس)، التى لم تتمكن بسبب تفجير خط الأنابيب عدة مرات من الوفاء باتفاقها طويل الأجل مع شركتى "شرق المتوسط" و"أمبال أمريكان" اللتين تنقلان الغاز المصرى لإسرائيل.
لقد خسرت مصر خلال الأربعين عامًا الماضية معظم عناصر قوتها الناعمة، وباتت أشبه بالمسن الممد على فراشه ينتظر أجله المحتوم، قوة ناعمة واحدة بقيت لها تمثلت فى جماعة الإخوان التى يزيد عمرها عن 82 عامًا لم تفقد خلال ذلك الزمن الطويل تألقها وتأثيرها الدولى برغم الضربات الموجعة التى تعرضت لها، والتعاقد الطويل بينها وبين السجون والمعتقلات.
أكتب هذا من موقع المراقب والمحايد، فأنا لا أنتمى لتلك الجماعة ولا تربطنى بها أى علاقة، لكن الموضوعية تفرض الاعتراف بأن تأثيرها ظل يتعاظم مع كل ضربة قوية وجهت لها من الأنظمة التى تولت مصر، فحافظت على مكانتها الدولية جاعلة القاهرة دائمًا المركز ورأس الهرم مع أنها عوملت فيها طوال 58 عامًا بكونها محظورة وغير شرعية.
الخوف الذى يسيطر على إسرائيل من إمكانية وصول هذه القوة الناعمة الوحيدة المتبقية لمصر إلى الحكم، حدت بوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أن يرسل وثيقة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يؤكد فيها أن مصر أخطر على إسرائيل من إيران ويجب حشد المزيد من قوات الجيش الإسرائيلى عند الحدود معها.
لاحظ أن هذا الكلام يصدر من قائد الدبلوماسية الإسرائيلية وليس من رئيس الأركان مثلاً، وهو أمر لا يجب أن يخيفنا بل يؤكد أهمية ألا نخسر القوة الناعمة الوحيدة التى تبقت لمصر خصوصًا أنها تتعرض حاليًا لهجمة غير عادلة أو منصفة من الإعلام المحلى الذى لا يتوقف عن نشر الفزاعة والخوف منهم خدمة لأجندة الفاسدين الذين يخشون من تعقبهم إذا تولى أمر البلاد حاكم رشيد.
تعليقات
إرسال تعليق