محاكمة مبارك: طريقة تفكير سلطة
د.يحيى القزز
لا أظن أننا بحاجة إلى محاكمة مبارك وعصابته وضياع كل هذا الوقت والجهد وتشتيت الذهن وإنفاق مبالغ طائلة فى التأمين والانتقال من ميزانية الدولة الشعب فى حاجة إليها، ومبارك وعصابته أحقر من أن ينالوا منا كل هذا الاهتمام، ومسواهم فى حظيرة خنازير بل فى أقل منها دونية فحظيرة الخنازير أطهر منهم. ليست محاكمة إنها مسرحية هزلية بائسة تستحق المتابعة. ومتابعتى لها لم يكن من أجل الحصول على دليل إدانة لحاكم خان شعبه. فالمحاكمات الجنائية العادية تتم فى الظروف العادية لجناة أخطأوا فى حق فرد أو أفراد وليس فى حق وطن أئتمنوا عليه فخانواه وذبحوه. ومتابعتى لها لمعرفة كيفية تفكير المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى التعامل مع من خانوا الدولة، وكيفية ممارسة القضاء لدوره فى الأزمة الحالكة، والقاضى لا ملاحظات لى عليه باعتباره قاض جنائى يحاكم جناة بقتل متظاهرين، هذه هى التهمة "قتل متظاهرين" وليس خيانة وطن. ومن عجائب الأمور وصغائرها أننا فى ظرف استثنائى يتولى فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة يحاكم المدنيين عسكريا، ويُفعل قانون الطوارئ على المدنيين العزل، ويحاكم الخونة وزعيمهم المخلوع مبارك محاكمة مدنية عادية، والمحاكمة جاءت بعد أكثر من شهرين من خلعه وإعادة ترتيب أوراقه، محاكمة تعكس طريقة تفكير السلطة الحاكمة وتحدد هويتها ورؤيتها فيما حدث، ولن نحتاج للكثير من قدح زناد الفكر لنكتشف أن المجلس الأعلى لم يعترف بأن ماحدث ثورة دفع الشعب فيها من دمائه وشهدائه ومصابيه الكثير، بل هى مظاهرة لفتت انتباهه لخلل فى إدارة رجل عجوز تجاوز الثمانين من العمر فوجب إزاحته، وإحلاله بأخرين هو أوصى بهم قبل رحيله أو كشرط لرحيله. والمجلس العسكرى من خلال ممارساته المترددة والمتردية فى إدارة الدولة، والحرص على الانفلات الأمنى والإبقاء على قيادات فاسدة تدير مؤسسات الدولة ورفضه تغييرهم يعطى انطباعا عن المجلس بأن ماحدث هو "خناقة" -وليس ثورة- أصيب وقتل فيها البعض ويجب محاكمة المتورطين فيها.
قيام الثورة على مبارك وعصابته أكبر دليل إدانة لهم، وهم بحاجة إلى محاكمة استثنائية فى ظرف استثنائى (ثورى)، يحاكمون بتهمة الخيانة العظمى، والأدلة كثيرة ودامغة وواضحة وضح الشمس، ونسوق منها على سبيل المثال الأغذية المسرطنة ونهب القطاع العام وتجريف ثروات الدولة وحرق المواطنين فى القطارات وغرقهم فى العبارات وفى عرض البحار، وهتك عرضهم فى المعتقلات والسجون والتفريط فى سيادة الدولة لصالح العدو الصهيونى وحليفه الأمريكى، وآخرها قتل الثوار بأسلحة محرمة. كل هذا والمحاكمة مدنية من سلطة حاكمة لنظام خائن. وبإمعان النظر يتولد لدينا إحساس مشوب بالقلق أن هناك شيئا ما خطأ إما فينا كشعب ثار ضد الظلم يجب محاكمته عسكريا أو كسلطة حاكمة؟ ولن تدوم حالة القلق كثيرا عندما نعرف أن المجلس العسكرى هو المجلس الذى تخلى له مبارك عن السلطة، وأن هذا المجلس لم يذكر فى أحاديث كلمة الثورة كثيرا وكأنها فعل قييح –لاسمح الله- ولم يوضح مشروعه الثورى، ولم يعمل على تحقيق مطالب الثورة.
طريقة المحاكمة وكأنها محاكمة نظام لبعض من شخوصه المتهمين مع استمرار النظام الحاكم. هى مسرحية بامتياز ولايوجد على وجه الأرض نظام يحاكم نفسه بطريقة ثورية بل نظام يطهر نفسه ويبقى حاكما، فالرئيس مبارك المخلوع تراه فى كل الوجوه الحاكمة وإن تباينت الأصوات. ولن أعلق على جلسة حضرها المشير وأُثيرت حولها الزوابع، بدأت مبكرا بحماية العسس وكأن الحضور فى حالة سطو حرام يستبقون به المارة قبل موعدهم كى لايفتضح أمرهم. ودعونا من المحاكمات وحقوق الشهداء والمدعيين بالحق المدنى، وما وقعنا فيه جميعا من خطأ –ودائما مايجرنا هذا المجلس التعس- للسير على دروبه المتعرجة المسننة؛ جاريناه فى الاستفتاء، وفى الانتخابات وفى المحاكمات المدنية وقلنا أنها علامة تحضر، صدقناه فى وعوده وسلمناه رقابنا وائتمناه على أغلى وأجمل وأنبل صنيعنا ثورة 25 يناير ثقة ومحبة فى المؤسسة العسكرية باعتباره نبتها الفتى أو زهرتها الندية الوحيدة، ونسينا أن الزهور تزبل نتيجة لعوامل التعرية والتجوية دون أن تلحظ أو نلحظ قربها من الشمس وقلة الأكسجين، وهاهو يجرنا من جحر إلى جحر ومن وكر إلى وكر، ولو تجرأنا وانتقدناه فيما يخصنا عايرنا بأنه حمانا ويشير إلينا بأصبعه إلى جيراننا الليبين والسوريين واليمنيين الذين يقوم الجيش فيها بدور عشماوى، وينسى أن الجيوش العظيمة هى التى تحمى أوطانها وتمنع عن شعوبها القهر السلطوى، والعبيد فقط .. العبيد وحدهم هم الذين يدافعون عن أسيادهم الحكام ويهدرون كرامة الشعب، وجشنا المصرى كان هو المبادر بالثورات حبا فى الوطن وحرصا على أمنه وحريته واستقراره.
دعونا نسدل الستارة على عرض المسرحية الهزلية البائسة المدعوة محاكمة مبارك، ونعترف بخطئنا فى قبول المحاكمة الجنائية بديلا عن المحاكمة السياسية، وبهذا نكون تخلينا عن الثورة ورضيتا بها تظاهرة، فحقوق المتظاهرين المدنية هى الدية وحقوق الشهداء هى الحرية.
إذا كان لابد من محاكمة فمن الذى يُحَاكَم ومن يُحاكِم من؟ سؤال جوابه يرقى به لحد المقصلة، لابأس فالثورة مازالت مستمرة وأى قتيل بأيدى النظام الحاكم هو شهيد فى سبيل الله والوطن، المجلس العسكرى يجب وأن يُحاكم على سوء تصرفاته سواء كانت بحسن نية أو بسوئها، والقضاء العادى فى الظروف الاستثنائية ذات الطبيعة العسكرية لايصلح لمحاكمة الخونة لأنه مقيد بادعاءات كثيرة.. أبسطها مراعة الظرف والضغط ، وتغييب عنه أدلة إدانة كثيرة فحاميها... حاميها، ومن العبث الركون إلى هذا المجلس الذى مازال يدلل الشرطة ويفعل لها خصيصا قانون الطوارئ لتعمل تحت مظلته وتعيد استخدام أسنانها العفنة فى نهش المواطنين بلا هوادة لتستعيد هيبتها وتعيد تأديب من لم يأدبه أبوه أو الزمان. باختصار الهدف من قانون الطوارئ أن يكون هو المظلة الشرعية التى يعمل تحتها جهاز الشرطة القمعى ويمارس أبشع أنواع العذاب باسم الطوارئ.
القوى الوطنية مطالبة بإعادة اللحمة أكثر من أى وقت مضى، وباستمرار الوقت تسوء الأوضاع السياسية والداخلية والخارجية للوطن، وتابعنا رفض المجلس الأعلى التصديق على استقالات رؤساء الجامعات، فهل من يفعل هذا يكون ذا فعل ثورى ومشاركا فى الثورة؟ بالقطع لا. ومايقال عن انحياز المجلس العسكرى للثورة فهو حقيقة، لكن الهدف مختلف. وحكاية انحياز المجلس الأعلى للثورة بسيطة وواضحة، المجلس كان يكره جمال مبارك باعتباره الوريث المرتقب، ويرى فى اعتلائه رئاسة الجمهورية التى تؤهله لاعتلاء منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة تعديا غير مبرر على العسكريين، ولم يكن للمجلس اعتراض على استمرار مبارك فى الحكم، وإلا كان قد انقلب عليه وخلعه وهو من بلغ من العمر عتيا. ظل المجلس يرقب الأوضاع بطريقة محايدة فى أثناء الثورة سمحت لبلطجية النظام أن يريقوا دماء كثيرة ويوقعوا شهداء كثيرون فيما عرف بموقعة الجمل بميدان التحرير، وعندما اشتدت ضغوط الثورة وأينعت رقاب خائنة حان قطافها، قام المجلس بالقطف مستخدما المثل الشهير "بيدى لابيد عمر"، وسطا أو انحاز للثورة سمها ماشئت، وليكن انحاز للثورة، انحيازا لمصلحته ولحماية نظامه بعيدا عن مصالح الشعب، واستبدل رأسا برؤوس.
مصر فى خطر والثورة فى خطر، وحتى يزول الخطر لابد وأن تستمر الثورة، دفعنا مقدم الثمن وعلينا بدفع البقية الباقية فالثورات لاتؤتى أُكُلها بالتقسيط بل بالدفع عدا ونقدا بلا متأخرات، وعلينا أن نعرف أن المغانم توزع فى نهاية الحروب، بعد الانتصار واستقرار وضع الدولة، ومن يستعجل يكون مصيره كما كان مصير المسلمين فى غزوة أحد، عندما تعجل المسلمون وظنوا أنهم انتصروا على أعدائهم، انشغلوا بتوزيع الغنائم، فباغتهم العدو وهزمهم.
لا أظن أننا بحاجة إلى محاكمة مبارك وعصابته وضياع كل هذا الوقت والجهد وتشتيت الذهن وإنفاق مبالغ طائلة فى التأمين والانتقال من ميزانية الدولة الشعب فى حاجة إليها، ومبارك وعصابته أحقر من أن ينالوا منا كل هذا الاهتمام، ومسواهم فى حظيرة خنازير بل فى أقل منها دونية فحظيرة الخنازير أطهر منهم. ليست محاكمة إنها مسرحية هزلية بائسة تستحق المتابعة. ومتابعتى لها لم يكن من أجل الحصول على دليل إدانة لحاكم خان شعبه. فالمحاكمات الجنائية العادية تتم فى الظروف العادية لجناة أخطأوا فى حق فرد أو أفراد وليس فى حق وطن أئتمنوا عليه فخانواه وذبحوه. ومتابعتى لها لمعرفة كيفية تفكير المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى التعامل مع من خانوا الدولة، وكيفية ممارسة القضاء لدوره فى الأزمة الحالكة، والقاضى لا ملاحظات لى عليه باعتباره قاض جنائى يحاكم جناة بقتل متظاهرين، هذه هى التهمة "قتل متظاهرين" وليس خيانة وطن. ومن عجائب الأمور وصغائرها أننا فى ظرف استثنائى يتولى فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة يحاكم المدنيين عسكريا، ويُفعل قانون الطوارئ على المدنيين العزل، ويحاكم الخونة وزعيمهم المخلوع مبارك محاكمة مدنية عادية، والمحاكمة جاءت بعد أكثر من شهرين من خلعه وإعادة ترتيب أوراقه، محاكمة تعكس طريقة تفكير السلطة الحاكمة وتحدد هويتها ورؤيتها فيما حدث، ولن نحتاج للكثير من قدح زناد الفكر لنكتشف أن المجلس الأعلى لم يعترف بأن ماحدث ثورة دفع الشعب فيها من دمائه وشهدائه ومصابيه الكثير، بل هى مظاهرة لفتت انتباهه لخلل فى إدارة رجل عجوز تجاوز الثمانين من العمر فوجب إزاحته، وإحلاله بأخرين هو أوصى بهم قبل رحيله أو كشرط لرحيله. والمجلس العسكرى من خلال ممارساته المترددة والمتردية فى إدارة الدولة، والحرص على الانفلات الأمنى والإبقاء على قيادات فاسدة تدير مؤسسات الدولة ورفضه تغييرهم يعطى انطباعا عن المجلس بأن ماحدث هو "خناقة" -وليس ثورة- أصيب وقتل فيها البعض ويجب محاكمة المتورطين فيها.
قيام الثورة على مبارك وعصابته أكبر دليل إدانة لهم، وهم بحاجة إلى محاكمة استثنائية فى ظرف استثنائى (ثورى)، يحاكمون بتهمة الخيانة العظمى، والأدلة كثيرة ودامغة وواضحة وضح الشمس، ونسوق منها على سبيل المثال الأغذية المسرطنة ونهب القطاع العام وتجريف ثروات الدولة وحرق المواطنين فى القطارات وغرقهم فى العبارات وفى عرض البحار، وهتك عرضهم فى المعتقلات والسجون والتفريط فى سيادة الدولة لصالح العدو الصهيونى وحليفه الأمريكى، وآخرها قتل الثوار بأسلحة محرمة. كل هذا والمحاكمة مدنية من سلطة حاكمة لنظام خائن. وبإمعان النظر يتولد لدينا إحساس مشوب بالقلق أن هناك شيئا ما خطأ إما فينا كشعب ثار ضد الظلم يجب محاكمته عسكريا أو كسلطة حاكمة؟ ولن تدوم حالة القلق كثيرا عندما نعرف أن المجلس العسكرى هو المجلس الذى تخلى له مبارك عن السلطة، وأن هذا المجلس لم يذكر فى أحاديث كلمة الثورة كثيرا وكأنها فعل قييح –لاسمح الله- ولم يوضح مشروعه الثورى، ولم يعمل على تحقيق مطالب الثورة.
طريقة المحاكمة وكأنها محاكمة نظام لبعض من شخوصه المتهمين مع استمرار النظام الحاكم. هى مسرحية بامتياز ولايوجد على وجه الأرض نظام يحاكم نفسه بطريقة ثورية بل نظام يطهر نفسه ويبقى حاكما، فالرئيس مبارك المخلوع تراه فى كل الوجوه الحاكمة وإن تباينت الأصوات. ولن أعلق على جلسة حضرها المشير وأُثيرت حولها الزوابع، بدأت مبكرا بحماية العسس وكأن الحضور فى حالة سطو حرام يستبقون به المارة قبل موعدهم كى لايفتضح أمرهم. ودعونا من المحاكمات وحقوق الشهداء والمدعيين بالحق المدنى، وما وقعنا فيه جميعا من خطأ –ودائما مايجرنا هذا المجلس التعس- للسير على دروبه المتعرجة المسننة؛ جاريناه فى الاستفتاء، وفى الانتخابات وفى المحاكمات المدنية وقلنا أنها علامة تحضر، صدقناه فى وعوده وسلمناه رقابنا وائتمناه على أغلى وأجمل وأنبل صنيعنا ثورة 25 يناير ثقة ومحبة فى المؤسسة العسكرية باعتباره نبتها الفتى أو زهرتها الندية الوحيدة، ونسينا أن الزهور تزبل نتيجة لعوامل التعرية والتجوية دون أن تلحظ أو نلحظ قربها من الشمس وقلة الأكسجين، وهاهو يجرنا من جحر إلى جحر ومن وكر إلى وكر، ولو تجرأنا وانتقدناه فيما يخصنا عايرنا بأنه حمانا ويشير إلينا بأصبعه إلى جيراننا الليبين والسوريين واليمنيين الذين يقوم الجيش فيها بدور عشماوى، وينسى أن الجيوش العظيمة هى التى تحمى أوطانها وتمنع عن شعوبها القهر السلطوى، والعبيد فقط .. العبيد وحدهم هم الذين يدافعون عن أسيادهم الحكام ويهدرون كرامة الشعب، وجشنا المصرى كان هو المبادر بالثورات حبا فى الوطن وحرصا على أمنه وحريته واستقراره.
دعونا نسدل الستارة على عرض المسرحية الهزلية البائسة المدعوة محاكمة مبارك، ونعترف بخطئنا فى قبول المحاكمة الجنائية بديلا عن المحاكمة السياسية، وبهذا نكون تخلينا عن الثورة ورضيتا بها تظاهرة، فحقوق المتظاهرين المدنية هى الدية وحقوق الشهداء هى الحرية.
إذا كان لابد من محاكمة فمن الذى يُحَاكَم ومن يُحاكِم من؟ سؤال جوابه يرقى به لحد المقصلة، لابأس فالثورة مازالت مستمرة وأى قتيل بأيدى النظام الحاكم هو شهيد فى سبيل الله والوطن، المجلس العسكرى يجب وأن يُحاكم على سوء تصرفاته سواء كانت بحسن نية أو بسوئها، والقضاء العادى فى الظروف الاستثنائية ذات الطبيعة العسكرية لايصلح لمحاكمة الخونة لأنه مقيد بادعاءات كثيرة.. أبسطها مراعة الظرف والضغط ، وتغييب عنه أدلة إدانة كثيرة فحاميها... حاميها، ومن العبث الركون إلى هذا المجلس الذى مازال يدلل الشرطة ويفعل لها خصيصا قانون الطوارئ لتعمل تحت مظلته وتعيد استخدام أسنانها العفنة فى نهش المواطنين بلا هوادة لتستعيد هيبتها وتعيد تأديب من لم يأدبه أبوه أو الزمان. باختصار الهدف من قانون الطوارئ أن يكون هو المظلة الشرعية التى يعمل تحتها جهاز الشرطة القمعى ويمارس أبشع أنواع العذاب باسم الطوارئ.
القوى الوطنية مطالبة بإعادة اللحمة أكثر من أى وقت مضى، وباستمرار الوقت تسوء الأوضاع السياسية والداخلية والخارجية للوطن، وتابعنا رفض المجلس الأعلى التصديق على استقالات رؤساء الجامعات، فهل من يفعل هذا يكون ذا فعل ثورى ومشاركا فى الثورة؟ بالقطع لا. ومايقال عن انحياز المجلس العسكرى للثورة فهو حقيقة، لكن الهدف مختلف. وحكاية انحياز المجلس الأعلى للثورة بسيطة وواضحة، المجلس كان يكره جمال مبارك باعتباره الوريث المرتقب، ويرى فى اعتلائه رئاسة الجمهورية التى تؤهله لاعتلاء منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة تعديا غير مبرر على العسكريين، ولم يكن للمجلس اعتراض على استمرار مبارك فى الحكم، وإلا كان قد انقلب عليه وخلعه وهو من بلغ من العمر عتيا. ظل المجلس يرقب الأوضاع بطريقة محايدة فى أثناء الثورة سمحت لبلطجية النظام أن يريقوا دماء كثيرة ويوقعوا شهداء كثيرون فيما عرف بموقعة الجمل بميدان التحرير، وعندما اشتدت ضغوط الثورة وأينعت رقاب خائنة حان قطافها، قام المجلس بالقطف مستخدما المثل الشهير "بيدى لابيد عمر"، وسطا أو انحاز للثورة سمها ماشئت، وليكن انحاز للثورة، انحيازا لمصلحته ولحماية نظامه بعيدا عن مصالح الشعب، واستبدل رأسا برؤوس.
مصر فى خطر والثورة فى خطر، وحتى يزول الخطر لابد وأن تستمر الثورة، دفعنا مقدم الثمن وعلينا بدفع البقية الباقية فالثورات لاتؤتى أُكُلها بالتقسيط بل بالدفع عدا ونقدا بلا متأخرات، وعلينا أن نعرف أن المغانم توزع فى نهاية الحروب، بعد الانتصار واستقرار وضع الدولة، ومن يستعجل يكون مصيره كما كان مصير المسلمين فى غزوة أحد، عندما تعجل المسلمون وظنوا أنهم انتصروا على أعدائهم، انشغلوا بتوزيع الغنائم، فباغتهم العدو وهزمهم.
تعليقات
إرسال تعليق