تأثير ثورات العالم العربي على تقوية الحركة العمالية والنقابية
يوم الاحد القام،الاول من مايو،حيث عيد العمال، سوف يشهد احداثا غير تقليدية للعامل المصرى والصانع الاول للإنتاج ،فالتنظيم الرسمى والمعروف بإسم اتحاد العام للنقابات قرر الغاء الاحتفال تحت دعوى التضامن مع شهداء الثورة ، ولأن المعنى فى بطن الاتحاد فإن مصادرنا هناك قالت أن الإلغاء سببه حبس حسين مجاور رئيس الاتحاد 15 يوما على ذمة التحقيقات بتهمة التحريض ضد المتظاهريين فى ميدان التحرير فى موقعة الجمل خلال ثورة 25 يناير 2011، والسبب الاخر نشر سى ديهات تتضمن تصريحات جانبية لاحمد البرعى وزير القوى العاملة بتهديده بالقضاء على الاتحاد وقيادته ، بينما وزع انصار احمد البرعى سى ديهات ايضا ضد رجال حسين مجاور فى الاتحاد الامر الذى خلق ازمة بين الوزارة واتحاد العمال وكانت النتيجة تجاهل رسمى لنشاط ومبادرات الاتحاد ،من ناحية اخرى يحتفل اتحاد العمال المستقل بعيد العمال فى ميدان التحرير، وقال لنا حمدى حسين وهو احد النشطاء العماليين فى الاتحاد المستقل أنه سوف يسبق الاحتفال محاكمة علنية لبعض القيادات العمالية السابقة بتهمة المشاركة فى اصدار تشريعات ضد مصالح العمال، ثم يتبعه احتفال غنائى يحيه الفنان على الحجار.
على الجانب الاخر صدرت نسخة جديدة من سلسلة الكراسات الاستراتيجية التى يصدرها مركز دراسات الاهرام ليتزامن مع عيد العمال حيث يعلن كاتبه احمد السيد النجار رئيس الوحدة الاقتصادية بالمركز عن كلمة السر فى الاحتجاجات العمالية والتى استعان بها المجلس العسكرى فى رصده للاحداث.
وما بين الاتحاد الرسمى والاتحاد المستقل وهذه الدراسة الجديدة ومطالب العمال المشروعة كانت لنا هذه المتابعة..
بداية فإن الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة اعد بيانا سوف يجرى توزيعه على العمال فى الاول من مايو يتضمن الاعلان عن فرحة عدد كبير جدا من العمال بسقوط رئيس اتحاد عمال مصر بتهمة التحريض ضد المتظاهرين مؤكدا أن هذا السقوط لا يعنى سقوط شخص وانما سياسات كانت تمارس ضد حقوق ملايين العمال، واكد على ان وجود تنظيم نقابي حقيقي وديمقراطي وممثل لإرادة العمال ضرورة لبناء اقتصاد حقيقي قوي وشرط لا بد منه لوجود تنمية عادلة في بلدنا،و متوازنة و قادرة على القضاء على الفقر والبطالة.
البيان الذى حصلنا على نسخة منه يقول انه ومع قرار النائب العام بحبس حسين مجاور "رئيس الاتحاد الحكومي" 15 يوماً " على ذمة التحقيق، بتهمة القتل والتحريض على قتل الشباب المصري الذي خرج للمطالبة بحقه في الحياة الحرة والكريمة، يتبدى دور هذا الاتحاد الذي شكل أحد أدوات السلطة السابقة فى قمع عمال مصر، وتحدي إرادتهم، والتربح الشخصي من تصفية وبيع المؤسسات، والتشارك في فساد الادارات مما انعكس سلبا في آداء قطاع الأعمال العام وتراجع انتاجيته وتدهور اوضاع العمال عموما.
وتسأل البيان الذى سيتم توزيعه ضم سيناريوهات الاحتفال: هل ننسى شركات الأسمنت فى طرة والسويس والعامرية وأسيوط، وحديد الدخيلة والشرقية للكتان والقطن والكثير غيرها ؟
وهل ننسى مأساة زملائنا في عمر أفندي وطنطا للكتان والنصر للسيارات وتيليمصر؟
وهل ننسى صفقات المعاش المبكر وطرد أكثر من مليون عامل إلى اتون البطالة بموافقة الاتحاد العام ونقاباته العامة بشروط مجحفة وتعويضات هزيلة مع معاشات لا تسمن ولا تغني من جوع؟!
وهل نسيتم بنك العمال وقرية الأحلام وصفقات المصايف وتبديد اشتراكات العمال على السيارات والسفر والنهب المنظم التى يجرى التحقيق فيها الان من جانب نيابة الاموال العامة؟
واضاف البيان :إن الإتحاد المصري للنقابات المستقلة والمعترف به قانونيا بعد قرار وزير القوى العاملة بإطلاق الحريات النقابية والعمالية طبقا للإتفاقيات الدولية، يدعوا العمال إلى تكوين نقاباتهم المستقلة والديمقراطية حتى تكون نقابات تخضع فقط لإرادة عمالها،و تضع لوائحها بنفسها وتختار إدارتها بحرية دون تدخل من الحكومة أو الإدارة أو شطب من العمال،وتكون ايضا نقابات قادرة على عقد اتفاقات عمل جماعية جديدة تحرص فيها على الحصول على كافة الحقوق.
مطالب
ويوم عيد العمال ايضا سوف نقرأ بيانات سيتم توزيعها موقعة من النقابة العامة المستقلة للضرائب العقارية- اتحاد أصحاب المعاشات- نقابة الفنيين الصحيين- أطباء بلا حقوق- شركة الحديد والصلب- شركة غزل شبين الكوم- عمال المطاحن- شركة المنصورة أسبانبا- شركة غاز الفيوم- شركة مصر إيران- هيئة تحسين الأراضي- الشركة المصرية للأدوية- شركة العامرية للغزل- شركة بتروتريد- عمال ورش السكة الحديد ببني سويف- العاملين بمديريات القوي العاملة والهجرة- إداريو التربية والتعليم- شركة النصر للأسمدة بالسويس- شركة سكر الفيوم- شركة الدلتا للصلب.هذه الجهات سوف تشارك فى عيد العمال بميدان التحرير ووضعت لنفسها 10 مطالب متوجه بهم الى حكومة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وهذه المطالب هى:
1- إقرار حد أدني وحد أقصي للأجور (بنسبة 10:1)، مع ربطهما بنسب التضخم الحقيقية وبالزيادة في الأسعار.
2- تثبيت كل العمالة المؤقتة والتي يتعدى عددها في الجهاز الحكومي وحده نصف مليون عامل وموظف، مع احتساب أقدميتهم منذ بداية عملهم.
3- وقف برنامج الخصخصة الفاسد والتحقيق في كل الصفقات الفاسدة في بيع القطاع العام ومحاسبة الفاسدين فيها، واسترداد هذه الشركات وتشغيلها وتشغيل العمال بها.
4- الاستيلاء على كل الشركات التي أغلقها أصحابها وتشغيلها وتشغيل العمال بها.
5- إسقاط قانون العمل رقم12 لسنة 2003، الذي أباح الفصل والتشريد، وجعل العمال عبيد لدي صاحب العمل.
6- العمل علي توفير عمل لكل العاطلين، ولحين توفير العمل إصدار قانون بمنح إعانة بطالة تعادل نصف الحد الأدنى للأجور لحين توفير عمل لكل طالب عمل.
7- إسقاط قانون التأمينات الذي انتقص حقوق كل العاملين بأجر، وزاد من الأعباء عليهم.
8- استعادة أموال صناديق التأمينات والمعاشات التي استولت عليها حكومة مبارك.
9- إيقاف كل مشاريع الخصخصة للمؤسسات الصحية وجعل العلاج حق لكل مواطن.
10- تنظيف الجهاز الحكومي وكل المؤسسات والشركات من كل الفاسدين وذيول النظام السابق ومحاكمتهم.
وجاء فى بيان هذه الجهات أنه كان عمال مصر من القوى الرئيسية التي مهدت وشاركت في ثورة 25 يناير الشعبية، ودفعنا لذلك إيماننا بمطالب الثورة وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي زادت حدتها في السنوات الأخيرة، وفي إطار هذه الثورة نمارس حقنا في الاحتجاج للمطالبة بما سبق أن أعلناه منذ سنوات من حقنا في حياة كريمة وعدالة اجتماعية.
وقال البيان لمن ينتقدون الاحتجاجات العمالية: أيها السادة المنتقدون لاحتجاجاتنا.. من حكم مصر وخرب اقتصادها وأفقر أهلها على مدار 30 عاما لم يكن العمال، ليسو هم من سرقوا أموال البنوك وهربوها إلى الخارج ثم عادوا دون حسيب أو رقيب، لم يكونوا هم الذين باعوا الشركات والمصانع بأبخث الأثمان وأغلقوا مئات المصانع وشردوا عمالها، لم يمنحوا أراضي الدولة بسعر التراب لرجال الأعمال، ليسو هم من أدخلوا المبيدات المسرطنة إلى الزارعة المصرية فقتلت الزرع والبشر في آن واحد، لم يحتكروا السلع وألهبوا ظهور المصريين بنار أسعارها.
وصايا
وتزامنا مع هذه الاحداث صدر عدد جديد من سلسلة كراسات استراتيجية عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام تحت عنوان الثورة ومعضلات الاقتصاد المصرى افردت مساحات واسعة عن حق العامل فى الاجر العادل كخطوة نحو زيادة الانتاج بعد تحقيق الاستقرار الاجتماع للعنصر البشرى خاصة ونحن مقبليين على عيد العمال.
الدراسة الجديدة التى اعدها احمد السيد النجار الخبير بالمركز استعان بها المجلس العسكرى فى دراسة ومتابعة مشاكل العمال قبيل عيدهم ، قالت من الصعب الحديث عن تغيير الحد الأدنى للأجر، دون أن يكون ذلك في إطار تغيير شامل لنظام الأجور الفاسد والمُفسد وحددت 10 مطالب بشأن تغيير الحد الأدنى للأجر وهى ان الحد الأدنى للأجر لابد أن يكون كافيا لتحقيق حياة كريمة للعامل من خلال قدرته على مواجهة احتياجاته من مأكل وملبس ومسكن وانتقالات وإنفاق صحي، وأن يتغير هذا الحد الأدنى تلقائيا كل عام بنفس نسبة معدل التضخم المعلن رسميا، حتى لا تتراجع قيمته الحقيقية أو قدرته على شراء السلع والخدمات. وأن تتم مراجعة الحد الأدني للأجر كل ثلاث سنوات لمعالجة الآثار المحتملة لارتفاع الأسعار بأكثر من معدلات التضخم المعلنة رسميا التي يتم رفع الحد الأدنى للأجور على أساسها سنويا،وحتى يكفي الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل لحياة كريمة، فإنه ينبغي أن يكون في حدود 1200 جنيه شهريا في الوقت الحالي، علما بأن إيجار سكن متواضع يزيد على 300 جنيه شهريا (إيجار الشقة الصغيرة 63 متر في مساكن مبارك للشباب في المدن الجديدة يبدأ من 300 جنيه حاليا، أما امتلاكها بقسط يصل إلى 700 جنيه شهريا فإنه أمر بعيد المنال بالنسبة للعمال في ظل مستويات الدخول الراهنة)، ومأكل متقشف تزيد تكاليفه على 300 جنيه شهريا بواقع 10 جنيهات يوميا، وملبس يمكن تقدير تكاليفه بنحو 100 جنيه شهريا، وانتقالات تبلغ تكلفتها 200 جنيه شهريا، والباقي نثريات أو مدخرات صغيرة لتدبير متطلبات الزواج الذي من المنطقي أن يستعد له العامل بعد استلام عمله. ومع تدرج راتب العامل وفقا لأقدميته فإنه يصبح بالكاد كافيا لإعالة أسرته بعد تكوينها في ظل معدل الإعالة البالغ 3.51 فرد لكل شخص يعمل، بدلا من الوضع الحالي الذي يعيش فيه العاملون الجدد ومن يعولونهم تحت خط الفقر المدقع (أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم)، وقد طالب المركز في موضع سابق للحد الأدنى للأجر وقدرته الشرائية في أوقات سابقة وكلها أعلى من المطلب الذي نتقدم به الان (1200 جنيه كحد أدنى للأجر)، والذي يشكل تدنيه نوعا من العقاب للذات لأننا كعاملين عموما من عمال ومهنيين قصرنا لزمن طويل في المطالبة بحقوقنا في أجر عادل وتركنا الحكومة وأرباب العمل يجورون على حقوقنا لوقت طويل، انتهى إلى غير رجعة في ظل إدراك وإيمان كل العاملين في مصر بحقهم في أجر عادل، وإيمان القضاء المصري العظيم كسلطة تعبر عن ضمير الأمة وروح الدستور والقانون بعدالة هذا المطلب، والمنطقي أن تتحسن مستويات المعيشة الحقيقية وقدرة الأجر على شراء السلع والخدمات، لكن حتى لو قبلنا بثبات هذه القدرة عند مستواها عام 1978 أو حتى أقل منه، فإن هذا يتطلب زيادة الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل إلى مستوى 1200 جنيه شهريا على الأقل، علما بان متوسط إنتاجية العامل وفقا للبيانات الرسمية بلغ نحو 3276 جنيه شهريا كما أشرنا آنفا، ويمكن زيادتها كثيرا من خلال تطوير الإدارة والآلات والمعدات والأجهزة في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة وأيضا في القطاع الخاص
وطالبت الدراسة ايضا بان يتم عمل تسوية لمرتبات العمال القدامى على أساس الحد الأدنى الجديد بزيادة 5% عن كل عام من الأقدمية بحد أقصى 50 جنيها سنويا، وتتم زيادة معاشات العمال المحالين للمعاش بنسبة موازية للنسبة التي ارتفعت بها الأجور، ويتم تمويل الزيادة من الموازنة العامة للدولة ضمن خطة شاملة لاستعادة فوائد أموال التأمينات من الحكومة بعد أن ظلت لسنوات طويلة لا تدفع عنها سوى فوائد ضئيلة للغاية نسبتها 2%، ثم 4%، ثم 6% في وقت كانت أسعار الفائدة تتراوح خلاله بين 12%، و 18%، وايضا ان يرتفع الأجر الأساسي للعامل سنويا بنسبة 7% كمقابل للخبرة والأقدمية، يضاف إليها نسبة تعادل معدل التضخم المعلن رسميا، دون أن توضع أي حدود قصوى لقيمة الزيادة في الأجور الأساسية بناء على هذه النسب.
ودعت الدراسة الى وضع سقف للدخول الشاملة (الأجر الأساسي مضافا إليه كل البدلات والعمولات والحوافز والأرباح والمكافآت) لكل العاملين والموظفين في القطاع العام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومي، بحيث لا يتجاوز أعلى دخل شامل لأي مستوى وظيفي(خمسة عشر ضعفا) 15 ضعف الحد الأدنى للأجر الشامل للعامل في الدولة، وهو ما سيوفر الكثير من الأموال التي كانت تذهب بشكل غير عادل لفئة محدودة من القيادات العليا، بحيث يمكن استخدامها في إصلاح نظام الأجور عموما.
واكدت الدراسة على انه كون الأجر الأساسي للعامل هو أساس دخله من العمل،فلابد الا تزيد الدخول الإضافية من بدلات وحوافز وعمولات ومكافآت شهرية عن 100% من هذا الراتب الأساسي.
واشارت الدراسة الى اهمية توحيد الأجور الأساسية في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام وفقا للتوصيف الوظيفي، بدلا من التفاوت الرهيب وغير العادل في دخول العاملين في مهنة واحدة حسب الجهة الحكومية التي تقوم بتشغيلهم، وينبغي أن يكون واضحا أن الأموال التي تدخل كإيرادات في قطاع البترول أو قناة السويس أو الضرائب، هي مال عام ناتج عن حقوق عامة في الموارد الطبيعية من نفط أو غاز، وفي الإيرادات السيادية وفي إيرادات المشروعات العامة القديمة مثل قناة السويس، وليست ملكا لتلك الجهة تنفق منها رواتب وحوافز وأرباح وبدلات كيفما شاءت، بل ينبغي أن تكون الأجور فيها مماثلة أو قريبة من الأجور التي تدفع للقائمين بنفس الوظائف في مختلف أجهزة الدولة. ومن المؤكد أن توحيد الأجور الأساسية وفقا للتوصيف الوظيفي في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام، سوف يوفر الكثير من الأموال التي يمكن أن تستخدم في تمويل إصلاح نظام الأجور عامة.
واجابت الدراسة عن كيفية ان تمول الدولة رفع الحد الأدنى وتغيير نظام الأجور بلا تضخم نظرا لأن الحكومة تعلل منذ سنوات طويلة بعدم توفر التمويل لتغيير الحد الأدنى للأجر، فإنه من المفيد للجميع طرح المداخل الرئيسية لتوفير التمويل الضروري لرفع الحد الأدنى للأجر بدون تضخم، علما بأنه طالما أن هذا التمويل سيتم بالأساس من خلال عمليات إعادة توزيع للدخل، ولن يتطلب أي إفراط في الإصدار نقدي الجديد، وطالما توفرت آليات لحماية المستهلك ولمنع الارتفاعات غير المنطقية في أسعار السلع والخدمات.
بلا تضخم
الدراسة قالت ان رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية لن يؤدي إلى اشتعال التضخم، ويمكن تركيز الآليات الرئيسية لتمويل رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية بلا تضخم على النحو التالي:
1.تحقيق العدالة في توزيع مخصصات الأجور وما في حكمها بين العاملين في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة، من خلال ربط الحد الأدنى للأجر الشامل، بالحد الأقصى. وإذا كانت اعتبارات العدالة تقتضي ألا يزيد أعلى أجر شامل من مختلف الجهات العامة، عن عشرة أضعاف أدنى أجر شامل، فإنه كمرحلة انتقالية من الوضع الفاسد بصورة مروعة والموجود حاليا، يمكن قبول أن يكون أعلى أجر شامل 15 ضعف أدنى أجر شامل. ولو تم الأخذ بهذه القاعدة سيتم توفير عدة مليارات من الجنيهات يمكن توظيفها في رفع الحد الأدنى للأجر بصورة تساعد على تحقيق العدالة التي تشكل أساسا للسلام الاجتماعي وآلية رئيسية للدفاع الاجتماعي الحقيقي، وعاملاً أساسياً في تحفيز العاملين على العمل بجد واجتهاد.
2.تطوير أداء القطاع العام والهيئات الاقتصادية ووضع ضوابط صارمة لمنع الفساد فيها، وإخضاعها لرقابة صارمة من العاملين وجمعيتهم العمومية ومجلس إدارتهم المنتخب ونقاباتهم، وأيضا من المجالس الشعبية والأجهزة الرقابية، حتى يتحسن الأداء ويكون هناك فائض محول منها إلى الموازنة العامة للدولة يمكن استخدامه في تمويل نظام الأجور الجديد بناء على تحسن قوي في الإنتاج والإنتاجية.
3.الجدية في تحصيل الضرائب من كبار الرأسماليين وشركاتهم، حيث أن هناك عشرات المليارات من الجنيهات من المتأخرات الضريبية المستحقة عليهم للدولة، إضافة إلى عمليات تساهل وتغاضي عن تحصيل الجانب الأكبر من الضرائب المستحقة على كبار العملاء الذين لا يدفعون سوى معدلات ضريبية تقل عن 5% في المتوسط بدلا من 20% التي فرضها القانون، وذلك من خلال الوثائق المنشورة في كتاب حديث صدر بعنوان العدالة الضريبية، عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، علما بأن العاملين بأجر في القطاع الخاص والعام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومي يتم اقتطاع الضرائب منهم من المنبع، ليصبح الموظفون هم الدافع الرئيسي للضرائب وليس كبار الرأسماليين الأثرياء.
4.تعديل قانون الضرائب الحالي لمراعاة قاعدة التصاعد وتعدد الشرائح الضريبية بصورة متناسبة مع المستويات المختلفة من الدخول، كأسس راسخة ومتعارف عليها للعدالة الضريبية في البلدان الرأسمالية، بدلا من القانون الفاسد الحالي الذي يساوي بين كبار الرأسماليين الأثرياء وبين الطبقة الوسطى في معدل الضريبة عند مستوى 20% على كل الدخول التي تزيد عن 40 ألف جنيه في السنة ويظل ثابتا حتى لو وصل دخل الفرد أو ربح الشركة إلى عدة مليارات في العام،ولا يمكن التعلل في تخفيض الضرائب على الشريحة العليا بأن ذلك ضروري لاستنهاض الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، لأن الدول الرأسمالية النامية والمتقدمة المعنية بتحقيق نفس الهدف، لديها نظم ضريبية أكثر اعتدالا من النظام الضريبي الفاسد المعمول به في مصر. ووفقا لبيانات البنك الدولي في تقريره عن مؤشرات التنمية في العالم (2009)، فإن معدل الضريبة على الشريحة العليا للدخل للأفراد خلال الفترة من من عام 2006 إلى عام 2008، بلغ 59% في الدانمرك، و 52% في هولندا، 50% في بلجيكا والنمسا، و 45% في كل من أستراليا وألمانيا والصين وكرواتيا، و 42% في البرتغال، و 41% في سلوفينيا، و40% في كل من شيلي وبولندا وبريطانيا وجمهورية جنوب إفريقيا وفيتنام، و 37% في تايلاند، و36% في المجر، و 35% في كل من الولايات المتحدة والأرجنتين وإيران وتركيا وإندونيسيا وباكستان وكوريا الجنوبية، و34% في فنزويلا.
5.فرض ضريبة صغيرة في حدود 0.5% على التعاملات في البورصة كما تفعل غالبية البورصات في العالم. وهذه الضريبة الصغيرة ستوفر نحو 5 مليارات جنيه، وستكون في مصلحة البورصة والمتعاملين فيها لأنها ستؤدي إلى تهدئة سخونة المضاربات وإلى تقليل ما ينزحه الأجانب من أموال من مصر من خلال نشاط طفيلي هو المضاربة التي يسهلها عدم وجود ضرائب على التعاملات. كذلك فإن هناك ضرورة لفرض ضريبة على أرباح المتعاملين في البورصة في نهاية كل عام حيث تتم تسوية المركز المالي للمتعاملين لبيان الخسارة أو الربح، ليدفعوا على صافي أرباحهم ضريبة نسبتها 20% على غرار الضرائب التي يدفعها المستثمرين أصحاب المشروعات التجارية والصناعية، وفرض ضريبة مماثلة على تحويل المستثمرين الأجانب لرباحهم التي حققوها في البورصة إلى الخارج.
6.إلغاء الدعم المقدم لشركات الأسمنت والأسمدة والحديد في صورة دعم الغاز والمازوت والسولار والكهرباء التي تستهلكها تلك الشركات. وإلغاء الدعم المماثل الذي تحصل عليه أية شركات أخرى تبيع إنتاجها بالأسعار العالمية، لأنها تحقق أرباحا احتكارية استغلالية ولا يوجد مبرر أخلاقي أو اقتصادي لإعطائها الثروة الطبيعية النفطية أو الغازية المملوكة لكل أبناء مصر بالتساوي بأسعار منخفضة وهي تبيع لهم منتجاتها بالأسعار العالمية أو بأعلى منها في الكثير من الحالات. وهذا الإجراء يمكن أن يوفر ما لا يقل عن 20 مليار جنيه، يمكنها أن تمول جانبا رئيسيا من متطلبات رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية. وكان دعم المواد البترولية وحده قد بلغ وفقا للبيانات الرسمية، نحو 58.6 مليار جنيه عام 2008/2009، وانخفض إلى 33.7 مليار جنيه في موازنة عام 2009/2010، لكنه سيعاود الارتفاع في العام المالي 2010/2011 في ظل صعود أسعار النفط.
7.تعديل اتفاقيات تصدير الغاز للدول الأخرى لوضع أسعار عادلة للثروة الطبيعية المملوكة لكل أبناء الشعب بالتساوي. ولو وضعت أسعار عادلة للغاز المصدر لإسرائيل وأسبانيا، فإن ذلك سيضيف قرابة 15 مليار جنيه كإيرادات للموازنة العامة في السنة قابلة للتصاعد مع تزايد أسعار الغاز، وهي أموال تذهب لدعم إسرائيل وأسبانيا، وإحداهما دولة معادية ودخل الفرد فيها أكثر من 11 ضعف دخل الفرد في مصر، والثانية دولة شديدة الثراء ونصيب الفرد فيها من الدخل يبلغ 19 ضعف نظيره في مصر.
8.مضاعفة الضرائب على محاجر الأسمنت، لأن الضريبة التي فرضت أخيرا على هذه الشركات، ما تزال ضريبة صغيرة للغاية بالمقارنة مع الأرباح الاحتكارية الضخمة التي تحققها شركات الأسمنت المملوكة في غالبيتها الساحقة للأجانب. ولو تم فرض ضريبة قيمتها مائة وخمسون جنيها على الأقل عن كل طن (150 جنيها) في ظل حقيقة أن التكلفة الراهنة للطن قبل فرض هذه الضريبة تقل عن 210 جنيهات بينما تبيعه الشركات الأجنبية بنحو 550 جنيها محققة أرباحا احتكارية استغلالية دون أن يتم ردعها، فإن حصيلة هذه الضريبة ستكون في حدود 5.5 مليار جنيه في العام.
9.مكافحة الغلاء غير المنطقي وأسبابه المختلفة وعلى رأسها الاحتكار الإنتاجي واحتكار الاستيراد، والعمل على تعزيز حماية المستهلكين وأجورهم الحقيقية من خلال توفير الحكومة للسلع المحلية والمستوردة في مجمعات حكومية تدار بشكل كفء ونزيه وتخضع لرقابة شعبية عامة ومحلية صارمة، وتبيع السلع بأسعار معتدلة، بعيدا عن الأسعار الاستغلالية التي يفرضها المحتكرون في مجال الإنتاج والتجارة، بما يضمن أن أي زيادة في الأجور الاسمية سوف تؤدي إلى زيادة في الأجور الحقيقية وفي مستويات معيشة العاملين.
10.بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، فإن الالتزام بالحد الأدنى الجديد للأجر وبتسوية أوضاع العاملين القدامى، سوف يجبر أرباب العمل من الرأسماليين على القبول بمعدلات ربح معتدلة، لكنه لن يعرضهم لأي خسارة، وهو لن يمثل أزمة حقيقية لمن يريد العمل على أساس علاقات عمل عادلة وأخلاقية. وهذا الالتزام بالنظام الجديد للأجر سيشكل آلية لتحسين توزيع القيمة المضافة في العملية الإنتاجية بين العاملين وأرباب العمل، بكل تأثيراتها الإيجابية على الطلب الفعال وعلى حوافز النمو الاقتصادي المتواصل في الاقتصاد، وبدلا من تضخم ثروات البعض لتصل إلى المليارات وعشرات المليارات، في وقت يعاني فيه العاملين لديهم الذين أداروا عجلة الإنتاج وخلقوا تلك الثروات من شظف العيش، فإن الالتزام بنظام الأجور الجديد في القطاع الخاص سيحقق درجة من العدالة تتوافق مع روح الدستور ومع ضرورات الدفاع الاجتماعي والسلام والاستقرار في المجتمع.
على الجانب الاخر صدرت نسخة جديدة من سلسلة الكراسات الاستراتيجية التى يصدرها مركز دراسات الاهرام ليتزامن مع عيد العمال حيث يعلن كاتبه احمد السيد النجار رئيس الوحدة الاقتصادية بالمركز عن كلمة السر فى الاحتجاجات العمالية والتى استعان بها المجلس العسكرى فى رصده للاحداث.
وما بين الاتحاد الرسمى والاتحاد المستقل وهذه الدراسة الجديدة ومطالب العمال المشروعة كانت لنا هذه المتابعة..
بداية فإن الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة اعد بيانا سوف يجرى توزيعه على العمال فى الاول من مايو يتضمن الاعلان عن فرحة عدد كبير جدا من العمال بسقوط رئيس اتحاد عمال مصر بتهمة التحريض ضد المتظاهرين مؤكدا أن هذا السقوط لا يعنى سقوط شخص وانما سياسات كانت تمارس ضد حقوق ملايين العمال، واكد على ان وجود تنظيم نقابي حقيقي وديمقراطي وممثل لإرادة العمال ضرورة لبناء اقتصاد حقيقي قوي وشرط لا بد منه لوجود تنمية عادلة في بلدنا،و متوازنة و قادرة على القضاء على الفقر والبطالة.
البيان الذى حصلنا على نسخة منه يقول انه ومع قرار النائب العام بحبس حسين مجاور "رئيس الاتحاد الحكومي" 15 يوماً " على ذمة التحقيق، بتهمة القتل والتحريض على قتل الشباب المصري الذي خرج للمطالبة بحقه في الحياة الحرة والكريمة، يتبدى دور هذا الاتحاد الذي شكل أحد أدوات السلطة السابقة فى قمع عمال مصر، وتحدي إرادتهم، والتربح الشخصي من تصفية وبيع المؤسسات، والتشارك في فساد الادارات مما انعكس سلبا في آداء قطاع الأعمال العام وتراجع انتاجيته وتدهور اوضاع العمال عموما.
وتسأل البيان الذى سيتم توزيعه ضم سيناريوهات الاحتفال: هل ننسى شركات الأسمنت فى طرة والسويس والعامرية وأسيوط، وحديد الدخيلة والشرقية للكتان والقطن والكثير غيرها ؟
وهل ننسى مأساة زملائنا في عمر أفندي وطنطا للكتان والنصر للسيارات وتيليمصر؟
وهل ننسى صفقات المعاش المبكر وطرد أكثر من مليون عامل إلى اتون البطالة بموافقة الاتحاد العام ونقاباته العامة بشروط مجحفة وتعويضات هزيلة مع معاشات لا تسمن ولا تغني من جوع؟!
وهل نسيتم بنك العمال وقرية الأحلام وصفقات المصايف وتبديد اشتراكات العمال على السيارات والسفر والنهب المنظم التى يجرى التحقيق فيها الان من جانب نيابة الاموال العامة؟
واضاف البيان :إن الإتحاد المصري للنقابات المستقلة والمعترف به قانونيا بعد قرار وزير القوى العاملة بإطلاق الحريات النقابية والعمالية طبقا للإتفاقيات الدولية، يدعوا العمال إلى تكوين نقاباتهم المستقلة والديمقراطية حتى تكون نقابات تخضع فقط لإرادة عمالها،و تضع لوائحها بنفسها وتختار إدارتها بحرية دون تدخل من الحكومة أو الإدارة أو شطب من العمال،وتكون ايضا نقابات قادرة على عقد اتفاقات عمل جماعية جديدة تحرص فيها على الحصول على كافة الحقوق.
مطالب
ويوم عيد العمال ايضا سوف نقرأ بيانات سيتم توزيعها موقعة من النقابة العامة المستقلة للضرائب العقارية- اتحاد أصحاب المعاشات- نقابة الفنيين الصحيين- أطباء بلا حقوق- شركة الحديد والصلب- شركة غزل شبين الكوم- عمال المطاحن- شركة المنصورة أسبانبا- شركة غاز الفيوم- شركة مصر إيران- هيئة تحسين الأراضي- الشركة المصرية للأدوية- شركة العامرية للغزل- شركة بتروتريد- عمال ورش السكة الحديد ببني سويف- العاملين بمديريات القوي العاملة والهجرة- إداريو التربية والتعليم- شركة النصر للأسمدة بالسويس- شركة سكر الفيوم- شركة الدلتا للصلب.هذه الجهات سوف تشارك فى عيد العمال بميدان التحرير ووضعت لنفسها 10 مطالب متوجه بهم الى حكومة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وهذه المطالب هى:
1- إقرار حد أدني وحد أقصي للأجور (بنسبة 10:1)، مع ربطهما بنسب التضخم الحقيقية وبالزيادة في الأسعار.
2- تثبيت كل العمالة المؤقتة والتي يتعدى عددها في الجهاز الحكومي وحده نصف مليون عامل وموظف، مع احتساب أقدميتهم منذ بداية عملهم.
3- وقف برنامج الخصخصة الفاسد والتحقيق في كل الصفقات الفاسدة في بيع القطاع العام ومحاسبة الفاسدين فيها، واسترداد هذه الشركات وتشغيلها وتشغيل العمال بها.
4- الاستيلاء على كل الشركات التي أغلقها أصحابها وتشغيلها وتشغيل العمال بها.
5- إسقاط قانون العمل رقم12 لسنة 2003، الذي أباح الفصل والتشريد، وجعل العمال عبيد لدي صاحب العمل.
6- العمل علي توفير عمل لكل العاطلين، ولحين توفير العمل إصدار قانون بمنح إعانة بطالة تعادل نصف الحد الأدنى للأجور لحين توفير عمل لكل طالب عمل.
7- إسقاط قانون التأمينات الذي انتقص حقوق كل العاملين بأجر، وزاد من الأعباء عليهم.
8- استعادة أموال صناديق التأمينات والمعاشات التي استولت عليها حكومة مبارك.
9- إيقاف كل مشاريع الخصخصة للمؤسسات الصحية وجعل العلاج حق لكل مواطن.
10- تنظيف الجهاز الحكومي وكل المؤسسات والشركات من كل الفاسدين وذيول النظام السابق ومحاكمتهم.
وجاء فى بيان هذه الجهات أنه كان عمال مصر من القوى الرئيسية التي مهدت وشاركت في ثورة 25 يناير الشعبية، ودفعنا لذلك إيماننا بمطالب الثورة وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي زادت حدتها في السنوات الأخيرة، وفي إطار هذه الثورة نمارس حقنا في الاحتجاج للمطالبة بما سبق أن أعلناه منذ سنوات من حقنا في حياة كريمة وعدالة اجتماعية.
وقال البيان لمن ينتقدون الاحتجاجات العمالية: أيها السادة المنتقدون لاحتجاجاتنا.. من حكم مصر وخرب اقتصادها وأفقر أهلها على مدار 30 عاما لم يكن العمال، ليسو هم من سرقوا أموال البنوك وهربوها إلى الخارج ثم عادوا دون حسيب أو رقيب، لم يكونوا هم الذين باعوا الشركات والمصانع بأبخث الأثمان وأغلقوا مئات المصانع وشردوا عمالها، لم يمنحوا أراضي الدولة بسعر التراب لرجال الأعمال، ليسو هم من أدخلوا المبيدات المسرطنة إلى الزارعة المصرية فقتلت الزرع والبشر في آن واحد، لم يحتكروا السلع وألهبوا ظهور المصريين بنار أسعارها.
وصايا
وتزامنا مع هذه الاحداث صدر عدد جديد من سلسلة كراسات استراتيجية عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام تحت عنوان الثورة ومعضلات الاقتصاد المصرى افردت مساحات واسعة عن حق العامل فى الاجر العادل كخطوة نحو زيادة الانتاج بعد تحقيق الاستقرار الاجتماع للعنصر البشرى خاصة ونحن مقبليين على عيد العمال.
الدراسة الجديدة التى اعدها احمد السيد النجار الخبير بالمركز استعان بها المجلس العسكرى فى دراسة ومتابعة مشاكل العمال قبيل عيدهم ، قالت من الصعب الحديث عن تغيير الحد الأدنى للأجر، دون أن يكون ذلك في إطار تغيير شامل لنظام الأجور الفاسد والمُفسد وحددت 10 مطالب بشأن تغيير الحد الأدنى للأجر وهى ان الحد الأدنى للأجر لابد أن يكون كافيا لتحقيق حياة كريمة للعامل من خلال قدرته على مواجهة احتياجاته من مأكل وملبس ومسكن وانتقالات وإنفاق صحي، وأن يتغير هذا الحد الأدنى تلقائيا كل عام بنفس نسبة معدل التضخم المعلن رسميا، حتى لا تتراجع قيمته الحقيقية أو قدرته على شراء السلع والخدمات. وأن تتم مراجعة الحد الأدني للأجر كل ثلاث سنوات لمعالجة الآثار المحتملة لارتفاع الأسعار بأكثر من معدلات التضخم المعلنة رسميا التي يتم رفع الحد الأدنى للأجور على أساسها سنويا،وحتى يكفي الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل لحياة كريمة، فإنه ينبغي أن يكون في حدود 1200 جنيه شهريا في الوقت الحالي، علما بأن إيجار سكن متواضع يزيد على 300 جنيه شهريا (إيجار الشقة الصغيرة 63 متر في مساكن مبارك للشباب في المدن الجديدة يبدأ من 300 جنيه حاليا، أما امتلاكها بقسط يصل إلى 700 جنيه شهريا فإنه أمر بعيد المنال بالنسبة للعمال في ظل مستويات الدخول الراهنة)، ومأكل متقشف تزيد تكاليفه على 300 جنيه شهريا بواقع 10 جنيهات يوميا، وملبس يمكن تقدير تكاليفه بنحو 100 جنيه شهريا، وانتقالات تبلغ تكلفتها 200 جنيه شهريا، والباقي نثريات أو مدخرات صغيرة لتدبير متطلبات الزواج الذي من المنطقي أن يستعد له العامل بعد استلام عمله. ومع تدرج راتب العامل وفقا لأقدميته فإنه يصبح بالكاد كافيا لإعالة أسرته بعد تكوينها في ظل معدل الإعالة البالغ 3.51 فرد لكل شخص يعمل، بدلا من الوضع الحالي الذي يعيش فيه العاملون الجدد ومن يعولونهم تحت خط الفقر المدقع (أقل من 1.25 دولار للفرد في اليوم)، وقد طالب المركز في موضع سابق للحد الأدنى للأجر وقدرته الشرائية في أوقات سابقة وكلها أعلى من المطلب الذي نتقدم به الان (1200 جنيه كحد أدنى للأجر)، والذي يشكل تدنيه نوعا من العقاب للذات لأننا كعاملين عموما من عمال ومهنيين قصرنا لزمن طويل في المطالبة بحقوقنا في أجر عادل وتركنا الحكومة وأرباب العمل يجورون على حقوقنا لوقت طويل، انتهى إلى غير رجعة في ظل إدراك وإيمان كل العاملين في مصر بحقهم في أجر عادل، وإيمان القضاء المصري العظيم كسلطة تعبر عن ضمير الأمة وروح الدستور والقانون بعدالة هذا المطلب، والمنطقي أن تتحسن مستويات المعيشة الحقيقية وقدرة الأجر على شراء السلع والخدمات، لكن حتى لو قبلنا بثبات هذه القدرة عند مستواها عام 1978 أو حتى أقل منه، فإن هذا يتطلب زيادة الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل إلى مستوى 1200 جنيه شهريا على الأقل، علما بان متوسط إنتاجية العامل وفقا للبيانات الرسمية بلغ نحو 3276 جنيه شهريا كما أشرنا آنفا، ويمكن زيادتها كثيرا من خلال تطوير الإدارة والآلات والمعدات والأجهزة في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة وأيضا في القطاع الخاص
وطالبت الدراسة ايضا بان يتم عمل تسوية لمرتبات العمال القدامى على أساس الحد الأدنى الجديد بزيادة 5% عن كل عام من الأقدمية بحد أقصى 50 جنيها سنويا، وتتم زيادة معاشات العمال المحالين للمعاش بنسبة موازية للنسبة التي ارتفعت بها الأجور، ويتم تمويل الزيادة من الموازنة العامة للدولة ضمن خطة شاملة لاستعادة فوائد أموال التأمينات من الحكومة بعد أن ظلت لسنوات طويلة لا تدفع عنها سوى فوائد ضئيلة للغاية نسبتها 2%، ثم 4%، ثم 6% في وقت كانت أسعار الفائدة تتراوح خلاله بين 12%، و 18%، وايضا ان يرتفع الأجر الأساسي للعامل سنويا بنسبة 7% كمقابل للخبرة والأقدمية، يضاف إليها نسبة تعادل معدل التضخم المعلن رسميا، دون أن توضع أي حدود قصوى لقيمة الزيادة في الأجور الأساسية بناء على هذه النسب.
ودعت الدراسة الى وضع سقف للدخول الشاملة (الأجر الأساسي مضافا إليه كل البدلات والعمولات والحوافز والأرباح والمكافآت) لكل العاملين والموظفين في القطاع العام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومي، بحيث لا يتجاوز أعلى دخل شامل لأي مستوى وظيفي(خمسة عشر ضعفا) 15 ضعف الحد الأدنى للأجر الشامل للعامل في الدولة، وهو ما سيوفر الكثير من الأموال التي كانت تذهب بشكل غير عادل لفئة محدودة من القيادات العليا، بحيث يمكن استخدامها في إصلاح نظام الأجور عموما.
واكدت الدراسة على انه كون الأجر الأساسي للعامل هو أساس دخله من العمل،فلابد الا تزيد الدخول الإضافية من بدلات وحوافز وعمولات ومكافآت شهرية عن 100% من هذا الراتب الأساسي.
واشارت الدراسة الى اهمية توحيد الأجور الأساسية في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام وفقا للتوصيف الوظيفي، بدلا من التفاوت الرهيب وغير العادل في دخول العاملين في مهنة واحدة حسب الجهة الحكومية التي تقوم بتشغيلهم، وينبغي أن يكون واضحا أن الأموال التي تدخل كإيرادات في قطاع البترول أو قناة السويس أو الضرائب، هي مال عام ناتج عن حقوق عامة في الموارد الطبيعية من نفط أو غاز، وفي الإيرادات السيادية وفي إيرادات المشروعات العامة القديمة مثل قناة السويس، وليست ملكا لتلك الجهة تنفق منها رواتب وحوافز وأرباح وبدلات كيفما شاءت، بل ينبغي أن تكون الأجور فيها مماثلة أو قريبة من الأجور التي تدفع للقائمين بنفس الوظائف في مختلف أجهزة الدولة. ومن المؤكد أن توحيد الأجور الأساسية وفقا للتوصيف الوظيفي في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام، سوف يوفر الكثير من الأموال التي يمكن أن تستخدم في تمويل إصلاح نظام الأجور عامة.
واجابت الدراسة عن كيفية ان تمول الدولة رفع الحد الأدنى وتغيير نظام الأجور بلا تضخم نظرا لأن الحكومة تعلل منذ سنوات طويلة بعدم توفر التمويل لتغيير الحد الأدنى للأجر، فإنه من المفيد للجميع طرح المداخل الرئيسية لتوفير التمويل الضروري لرفع الحد الأدنى للأجر بدون تضخم، علما بأنه طالما أن هذا التمويل سيتم بالأساس من خلال عمليات إعادة توزيع للدخل، ولن يتطلب أي إفراط في الإصدار نقدي الجديد، وطالما توفرت آليات لحماية المستهلك ولمنع الارتفاعات غير المنطقية في أسعار السلع والخدمات.
بلا تضخم
الدراسة قالت ان رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية لن يؤدي إلى اشتعال التضخم، ويمكن تركيز الآليات الرئيسية لتمويل رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية بلا تضخم على النحو التالي:
1.تحقيق العدالة في توزيع مخصصات الأجور وما في حكمها بين العاملين في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة، من خلال ربط الحد الأدنى للأجر الشامل، بالحد الأقصى. وإذا كانت اعتبارات العدالة تقتضي ألا يزيد أعلى أجر شامل من مختلف الجهات العامة، عن عشرة أضعاف أدنى أجر شامل، فإنه كمرحلة انتقالية من الوضع الفاسد بصورة مروعة والموجود حاليا، يمكن قبول أن يكون أعلى أجر شامل 15 ضعف أدنى أجر شامل. ولو تم الأخذ بهذه القاعدة سيتم توفير عدة مليارات من الجنيهات يمكن توظيفها في رفع الحد الأدنى للأجر بصورة تساعد على تحقيق العدالة التي تشكل أساسا للسلام الاجتماعي وآلية رئيسية للدفاع الاجتماعي الحقيقي، وعاملاً أساسياً في تحفيز العاملين على العمل بجد واجتهاد.
2.تطوير أداء القطاع العام والهيئات الاقتصادية ووضع ضوابط صارمة لمنع الفساد فيها، وإخضاعها لرقابة صارمة من العاملين وجمعيتهم العمومية ومجلس إدارتهم المنتخب ونقاباتهم، وأيضا من المجالس الشعبية والأجهزة الرقابية، حتى يتحسن الأداء ويكون هناك فائض محول منها إلى الموازنة العامة للدولة يمكن استخدامه في تمويل نظام الأجور الجديد بناء على تحسن قوي في الإنتاج والإنتاجية.
3.الجدية في تحصيل الضرائب من كبار الرأسماليين وشركاتهم، حيث أن هناك عشرات المليارات من الجنيهات من المتأخرات الضريبية المستحقة عليهم للدولة، إضافة إلى عمليات تساهل وتغاضي عن تحصيل الجانب الأكبر من الضرائب المستحقة على كبار العملاء الذين لا يدفعون سوى معدلات ضريبية تقل عن 5% في المتوسط بدلا من 20% التي فرضها القانون، وذلك من خلال الوثائق المنشورة في كتاب حديث صدر بعنوان العدالة الضريبية، عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، علما بأن العاملين بأجر في القطاع الخاص والعام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومي يتم اقتطاع الضرائب منهم من المنبع، ليصبح الموظفون هم الدافع الرئيسي للضرائب وليس كبار الرأسماليين الأثرياء.
4.تعديل قانون الضرائب الحالي لمراعاة قاعدة التصاعد وتعدد الشرائح الضريبية بصورة متناسبة مع المستويات المختلفة من الدخول، كأسس راسخة ومتعارف عليها للعدالة الضريبية في البلدان الرأسمالية، بدلا من القانون الفاسد الحالي الذي يساوي بين كبار الرأسماليين الأثرياء وبين الطبقة الوسطى في معدل الضريبة عند مستوى 20% على كل الدخول التي تزيد عن 40 ألف جنيه في السنة ويظل ثابتا حتى لو وصل دخل الفرد أو ربح الشركة إلى عدة مليارات في العام،ولا يمكن التعلل في تخفيض الضرائب على الشريحة العليا بأن ذلك ضروري لاستنهاض الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية، لأن الدول الرأسمالية النامية والمتقدمة المعنية بتحقيق نفس الهدف، لديها نظم ضريبية أكثر اعتدالا من النظام الضريبي الفاسد المعمول به في مصر. ووفقا لبيانات البنك الدولي في تقريره عن مؤشرات التنمية في العالم (2009)، فإن معدل الضريبة على الشريحة العليا للدخل للأفراد خلال الفترة من من عام 2006 إلى عام 2008، بلغ 59% في الدانمرك، و 52% في هولندا، 50% في بلجيكا والنمسا، و 45% في كل من أستراليا وألمانيا والصين وكرواتيا، و 42% في البرتغال، و 41% في سلوفينيا، و40% في كل من شيلي وبولندا وبريطانيا وجمهورية جنوب إفريقيا وفيتنام، و 37% في تايلاند، و36% في المجر، و 35% في كل من الولايات المتحدة والأرجنتين وإيران وتركيا وإندونيسيا وباكستان وكوريا الجنوبية، و34% في فنزويلا.
5.فرض ضريبة صغيرة في حدود 0.5% على التعاملات في البورصة كما تفعل غالبية البورصات في العالم. وهذه الضريبة الصغيرة ستوفر نحو 5 مليارات جنيه، وستكون في مصلحة البورصة والمتعاملين فيها لأنها ستؤدي إلى تهدئة سخونة المضاربات وإلى تقليل ما ينزحه الأجانب من أموال من مصر من خلال نشاط طفيلي هو المضاربة التي يسهلها عدم وجود ضرائب على التعاملات. كذلك فإن هناك ضرورة لفرض ضريبة على أرباح المتعاملين في البورصة في نهاية كل عام حيث تتم تسوية المركز المالي للمتعاملين لبيان الخسارة أو الربح، ليدفعوا على صافي أرباحهم ضريبة نسبتها 20% على غرار الضرائب التي يدفعها المستثمرين أصحاب المشروعات التجارية والصناعية، وفرض ضريبة مماثلة على تحويل المستثمرين الأجانب لرباحهم التي حققوها في البورصة إلى الخارج.
6.إلغاء الدعم المقدم لشركات الأسمنت والأسمدة والحديد في صورة دعم الغاز والمازوت والسولار والكهرباء التي تستهلكها تلك الشركات. وإلغاء الدعم المماثل الذي تحصل عليه أية شركات أخرى تبيع إنتاجها بالأسعار العالمية، لأنها تحقق أرباحا احتكارية استغلالية ولا يوجد مبرر أخلاقي أو اقتصادي لإعطائها الثروة الطبيعية النفطية أو الغازية المملوكة لكل أبناء مصر بالتساوي بأسعار منخفضة وهي تبيع لهم منتجاتها بالأسعار العالمية أو بأعلى منها في الكثير من الحالات. وهذا الإجراء يمكن أن يوفر ما لا يقل عن 20 مليار جنيه، يمكنها أن تمول جانبا رئيسيا من متطلبات رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية. وكان دعم المواد البترولية وحده قد بلغ وفقا للبيانات الرسمية، نحو 58.6 مليار جنيه عام 2008/2009، وانخفض إلى 33.7 مليار جنيه في موازنة عام 2009/2010، لكنه سيعاود الارتفاع في العام المالي 2010/2011 في ظل صعود أسعار النفط.
7.تعديل اتفاقيات تصدير الغاز للدول الأخرى لوضع أسعار عادلة للثروة الطبيعية المملوكة لكل أبناء الشعب بالتساوي. ولو وضعت أسعار عادلة للغاز المصدر لإسرائيل وأسبانيا، فإن ذلك سيضيف قرابة 15 مليار جنيه كإيرادات للموازنة العامة في السنة قابلة للتصاعد مع تزايد أسعار الغاز، وهي أموال تذهب لدعم إسرائيل وأسبانيا، وإحداهما دولة معادية ودخل الفرد فيها أكثر من 11 ضعف دخل الفرد في مصر، والثانية دولة شديدة الثراء ونصيب الفرد فيها من الدخل يبلغ 19 ضعف نظيره في مصر.
8.مضاعفة الضرائب على محاجر الأسمنت، لأن الضريبة التي فرضت أخيرا على هذه الشركات، ما تزال ضريبة صغيرة للغاية بالمقارنة مع الأرباح الاحتكارية الضخمة التي تحققها شركات الأسمنت المملوكة في غالبيتها الساحقة للأجانب. ولو تم فرض ضريبة قيمتها مائة وخمسون جنيها على الأقل عن كل طن (150 جنيها) في ظل حقيقة أن التكلفة الراهنة للطن قبل فرض هذه الضريبة تقل عن 210 جنيهات بينما تبيعه الشركات الأجنبية بنحو 550 جنيها محققة أرباحا احتكارية استغلالية دون أن يتم ردعها، فإن حصيلة هذه الضريبة ستكون في حدود 5.5 مليار جنيه في العام.
9.مكافحة الغلاء غير المنطقي وأسبابه المختلفة وعلى رأسها الاحتكار الإنتاجي واحتكار الاستيراد، والعمل على تعزيز حماية المستهلكين وأجورهم الحقيقية من خلال توفير الحكومة للسلع المحلية والمستوردة في مجمعات حكومية تدار بشكل كفء ونزيه وتخضع لرقابة شعبية عامة ومحلية صارمة، وتبيع السلع بأسعار معتدلة، بعيدا عن الأسعار الاستغلالية التي يفرضها المحتكرون في مجال الإنتاج والتجارة، بما يضمن أن أي زيادة في الأجور الاسمية سوف تؤدي إلى زيادة في الأجور الحقيقية وفي مستويات معيشة العاملين.
10.بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، فإن الالتزام بالحد الأدنى الجديد للأجر وبتسوية أوضاع العاملين القدامى، سوف يجبر أرباب العمل من الرأسماليين على القبول بمعدلات ربح معتدلة، لكنه لن يعرضهم لأي خسارة، وهو لن يمثل أزمة حقيقية لمن يريد العمل على أساس علاقات عمل عادلة وأخلاقية. وهذا الالتزام بالنظام الجديد للأجر سيشكل آلية لتحسين توزيع القيمة المضافة في العملية الإنتاجية بين العاملين وأرباب العمل، بكل تأثيراتها الإيجابية على الطلب الفعال وعلى حوافز النمو الاقتصادي المتواصل في الاقتصاد، وبدلا من تضخم ثروات البعض لتصل إلى المليارات وعشرات المليارات، في وقت يعاني فيه العاملين لديهم الذين أداروا عجلة الإنتاج وخلقوا تلك الثروات من شظف العيش، فإن الالتزام بنظام الأجور الجديد في القطاع الخاص سيحقق درجة من العدالة تتوافق مع روح الدستور ومع ضرورات الدفاع الاجتماعي والسلام والاستقرار في المجتمع.
تعليقات
إرسال تعليق