قرأته بعد صدور العدد الجديد ، وألمنى جداً ، كيف يضعف الأمن المصرى إلى هذا الحد ، بل أقصد النظام ، وكيف لا يحمى من يشهر إسلامه.

صدقونى هذا الضعف ، يعرض الوحدة الوطنية للخطر البالغ جداً ، ولا يحميها كما يظن أو بالأحرى لا يتحسب لذلك ، هذا النظام الساذج.

أظن أن الأخطار تتهددنا.

وربنا يهدى ويستر ، مع تحياتى ، محســن.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ

* بداية تعرفى على صديقنا المهندس نصرى جرجس نسر ، كانت سلسلة مقالات متتالية كتبتها فى المصرى اليوم ، فراسلنى وتحاورنا ، وخلصنا إلى اتفاق فى أغلب النقاط ، ستجدون بها فقرة باللون البرتقالى ، تتحدث عن موضوع الخبر.

فضلاً من لا يميل للمطولات مثلى ، فليذهب إلى الفقرة المقصودة مباشرة :



* هذه المقالة ضمن مقالات ثلاث، نـُشرت لى فى جريدة المصرى اليوم ( يوليو 2007 ) تعليقاً على هجوم سيد القمنى على الإسلاميين.

الأغلبية المظلومة!

لا أنتسب لأى من الأحزاب أو القوى السياسية ، ولكن بالتأكيد شأنى فى ذلك شأن كل مصرى مهموم بالشأن العام ، لدى توجهاً فكرياً وسياسياً ، يتم تصنيفه إسلامياً ، حريص دائماً على الإدلاء بصوتى الانتخابى فى كل انتخاب واستفتاء رغم قناعتى بعدم جدواه حتى الآن ، وعلى سبيل المثال فقد أعطيت صوتى لحزب الوفد 1984 وحزب العمل 1987 ، وقتما تحالفا مع الإخوان المسلمين ، ولكن ما يعانى منه أمثالى وهم الغالبية العظمى من الشعب غير المنتسب لأى من القوى السياسية ويحملون توجهات فكرية وسياسية متباينة بالتأكيد، فليس كل مستقل إسلامى بالضرورة، أقول أن ما نعانى منه هوصعوبة ممارسة حقنا فى الحوار المنظم، بما فى ذلك ما يمكن أن نقدمه فى ذلك الحوار المأمول، من نقد لمن هم من المفترض أنهم يمثلوننا فكرياً، وهو كما فى حالتى أنا التيار الإسلامى، سواء مثله الإخوان المسلمون المحظورون أو حزب الوسط المـُعـَرقـَلون ( بفتح القاف )، أو أن نوجه النقد لمن يهاجمون الإسلاميين، ومنهم الدكتور سيد القمنى.

ومن هنا فإننى أنتهز ما تتيحه لنا المصرى اليوم، فى توجيه رسالتين موجزتين ومخلصتين، الأولى إلى التيار الإسلامى ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم قاطبة، والثانية للمصريين وللعرب وللمسلمين بل وللمتخلفين عالمياً عن الرؤية الرشيدة كافة، حكاماً ومحكوميين، وأبدأ بالأولى، فأقول:

§ لم ينضج هذا التيار سياسياً بالقدر الذى يتيح له قراءة متعمقة لما يدور حوله وطنياً وإقليمياً ودولياً، ومن أمثلة ذلك الجزائر والسودان وأفغنستان، أما النقيض فهو تركيا، وأن على هذا التيار أن يعى أن الانفتاح على العالم وعلى الآخر أياً كان ليس عيباً طالما كنت محافظاً على هويتك ومبادئك، كما أن الحرب لم تعد (هل من مبارز)، بل هى عقل وعلم وإعداد وإدارة فكر وحيلة أيضاً، والعلاقات الخارجية هى كذلك أيضاً ، كما أن إعلاء شأن العقل وإعماله يتطلب من الإنسان الذى ميزه الله بهذا العقل، أن يدير فكره قبل حركته، قولاً أو فعلا.

§ رغم ثراء وسمو شأن مرجعية هذا التيار ، فلم يقم بترجمتها إلى برنامج عملى واضح ومعلن ، عنوانه مثلث، رأس ضلعيه الفضيلة أخلاقاً والضمير الحق وجداناً والشفافية سلوكاً والعقل والعلم والعمل والإدارة العلمية حركة ً وإعماراً، والتعقل والتدبر فى صحيح الدين ثم التقييم والتقويم والمراجعة أيضاً إذا لزم الأمر، رشداً وذكاءً وصلاحاً، بينما ضلعه الأول الحرية الشخصية والمجتمعية دون تفرقة أو تمييز، تلك الحرية التى تعى خصوصية المجتمع وتحترم الحق والقانون والتراث القيمى والهوية وتعلى من شأن المبادرة والإبداع وتصون الملكية الشخصية وتـُحفز على التنمية فى كافة القطاعات بما فيها الاقتصادى، أما ضلعه الثانى فهو التكافل الاجتماعى وحق الفقير فى الحياة مع الأخذ بيده للنهوض به وتحويله من معان ٍ إلى مُعين ٍ بل وإلى مشاركِ فى التنمية، أما قاعدته فهى تشريعات قانونية توفر البيئة المادية والمعنوية التى ترسى العدالة والشفافية وترسخ الانتماء وتحفز على العمل المبدع، تلك هى الاستراتيجية باختصار وهى أيضاً لا تكفى وحدها دونما برامج نوعية علمية مفصلة تعكس وبوضوح فكر هذا التيار فى حركته، وتتيح للآخر، كل آخر أن يعرفه، بل وينتقده أيضا.

أما الثانية فأقول فيها:

ما من دكتاتور فى التاريخ القديم أو المعاصر إلا واتصف بمحدودية الفكر والتفكير والفكرة، وكان دائماً معايشاً للحلم النظرى الزائف، الذى يـُصور له الأمور وكأنها ستسير على هواه إلى ما يتخيله من أحلام، لا يعيش واقعه ولا حتى يتحراه، وبالتالى لايعترف بأخطائه، فلا يستشرف مستقبله وبالتالى لا يتحسب له، ولا يدرك أن الكارثة ستكون مفاجئة بالنسبة له، ولننظر إلى صدام حسين كمثل وإلى سلاطين العثمانيين ومن قبلهم أمراء الأندلس أيضاً، فلو عاد بهؤلاء الزمن ما فعلوا ما فعلوه، ولكن هيهات أن يعود الزمن، ومن هنا فإن سياسات الاستحواذ على السلطة أو الإقصاء أو الاستقواء بالخارج لم تكن يوماً مجدية، ومثال شاه إيران ليس ببعيد، والحكم الرشيد هو الذى يقرأ ما كان، ويدرك مايحيط به، ويستشرف ما ينتظره.

المصالحة هى ما سبق وسأظل أدعو إليه قبل فوات الأوان، مصالحة بين الأنظمة التى لم ترتكب تجاوزات كبرى وبين شعوبها، وكلُ ُ له دوره وخطواته مقابل الآخر، كما أن تعقل النخبة من الطرفين مطلوب بشدة، ولكن أن تظل سياستا الاستحواذ على السلطة والإقصاء قائمتين بل وتشريعهما أيضاً ، فتلك هى الطامة الكبرى، فهل من تعقل، وهل من مستجيب؟

* وهذه المقالة أيضاً ضمن المقالات الثلاث، نـُشرت لى فى جريدة المصرى اليوم تعليقاً على هجوم سيد القمنى على الإسلاميين.

الرأى والرصد والنزاهة !

هناك من يصف الرأى أحياناً بالمحايد ، وهذا فى رأىِّ قول خطأ ، فمن وجهة نظرى لا يمكن للرأى إلا أن يكون منحازاً ، فالرأى بالضرورة يجب أن يكون منحازاً على الأقل لفكر ولثقافة ولانتماء صاحبه ، وأحياناً لهواه أو لمزاجه وحاله النفسى أو لأحلامه النظرية التى لا تعيش الواقع وتحليلاته ، بينما وفى المقابل فإن الحكم أو الرصد أو التحقيق أو التأريخ ، لا يمكن أن نحترم أى منها إلا إذا توخى صاحبها أعلى درجات الاجتهاد فى الحياد بعيداً عن هواه وميله وانتماءاته السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية أيضاً ، ومن هنا ولكى نتحدث فى شئوننا المصرية أو الإقليمية أو الدولية ، فإننا لا نملك إلا أن نستند فقط لما هو واقع ومشهود ، هذا مبدأ يجب على كل شريف نزيه موضوعى أن يلزم نفسه به دائماً ، منحياً تماماً انتمائاته ، حتى يستطيع أن يحتفظ باحترامه لذاته على التوازى مع احترامه لمن يخاطبهم ، وحتى لا يغيب نفسه بنفسه عن المعرفة ويـُضلها عن الحقيقة.

إننا على استعداد لمناقشة الدكتور القمنى ومحاورته فى أية قضية ، بشرط أوحد ، أن يتسم الطرح والمناقشة بالعلمية والموضوعية ، فلم يتضح لنا مما قاله الدكتور القمنى إلا ما سبق أن ردده وسيظل ، وهو فى رأىِّ يسئ للعلمانيين ولا يمس الإسلاميين بشائبة.

يراهن الجميع وبمختلف توجهاتهم السياسية ، علي الأغلبية الصامتة ، كما يزعم البعض منهم أن انتماء تلك الأغلبية لهم ، أما عقلاء هذا الوطن من الموضوعيين والمحايدين في التحليل فيقولون أننا لا يتوافر لنا أجهزة رصد واستقصاء للرأي ، حرة في حركتها ، محايدة في رصدها ، مؤتمنة على مهمتها ، تملك الإمكانيات الفكرية والفنية والمادية ، لتقدم لنا نتائج منزهة من كل هوى أو غرض.

ومن هنا ولكي نتحدث في شئوننا المصرية ، فإننا لا نملك إلا أن نستند فقط إلى ما هو واقع ومشهود ، هذا مبدأ ألزم نفسي به دائماً ، منحياً تماماً انتمائى السياسى ، حتى أستطيع أن أحتفظ بموضوعيتى واحترامى لذاتى علي التوازى مع احترامى لمن أخاطبهم ، وبعد فلقد كان لزاماً لهذه المقدمة التى أراها علي درجة كبيرة من الأهمية ، قبل أن أعرض الآتى :

1ــ لم يستطع النظام الحاكم فى مصر ومنذ ثورة يوليو إلي يومنا أن يستقطب هذه الأغلبية الصامتة لتؤيده ، أو حتي لتنخرط في الحراك السياسى فى حده الأدنى وهو التصويت ، بل وعلي النقيض كان يعمل علي تغييبها وعدم تثقيفها ، سواء عن قصد أحياناً أولانعدام إدارة الفكر أحياناً أخرى ، ومع بداية الثمانينات بدأت مرحلة جديدة من التغييب قادها الإعلام المصرى بامتياز ظناً منه أنها الوسيلة المثلى لإبعاد الشباب عن التطرف ، وذلك بما كان يبثه لا أقول فن ، فالفن أسمى من ذلك ، ولكن مواد هابطة ، وازدادت جرعتها وسخونتها أيضاً فى التسعينات ، بحجة أنها تحصين للشباب من السموات المفتوحة القادمة إلينا بأفلام جنسية ، وكأن هذه الكليبات هى التى ستحصنه ، ولم يُستشر مثقف لا أقول من المتدينين المصريين بعنصريهم لأن رأيهم مرفوض من قبل النظام ، ولكن حتى لم يُستشر مثقف وطنى أو خبير وطنى وهم كُثر ، عن هل هكذا يكون التحصين؟!

ذلك التحصين المزعوم الذى دمر لا أقول جيل بل أجيال ومازلنا نعانى إلى اليوم ، واسألوا الأباء والأمهات بمختلف فئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية عن الحال الذى وصلت إليه البلاد والعباد!

هكذا كان خطابنا الوطنى للشباب ، شبابنا الذى عانى ومازال يعانى الكثير ، فكانت المواد الهابطة بديلاً عن تثقيفه (وتصبيره) على حاله من خلال خطاب يلائم حاله وعلى التوازى يصنع له الأمل بديمقراطية حقة ، تجعل القوى السياسية تتنافس من أجل خدمته اقتصادياً وخدمياً واجتماعياً ، فى إطار سياسة تنموية شاملة تقضى على القصور الإدارى والفساد ، لتنمى لديه الانتماء.

2ــ كما أن الأحزاب السياسية المعارضة وبمختلف توجهاتها لم تستطع كذلك أن تستقطب هذه الأغلبية الصامتة ، ولكن الإنصاف والموضوعية يفرضان علينا أن نقول أن المناخ العام السياسى مثل حائلاً جزئياً في هذا الشأن ، ولكن أيضاً عدم قدرة هذه الأحزاب علي الحركة فى هذا الاتجاه كان مرجعه لعدم استعدادها لتقديم تضحيات ولانعدام الديمقراطية الحقيقية بداخلها ولاستاتيكيتها ولانحصارها في صالوناتها الضيقة ، ولانعدام إدارة فكرها فى إدارتها لصحفها بموضوعية لحشد الجماهير وجذبها لحراك سلمى مشروع.

3ــ حزبان معارضان رئيسيان ، لم يجدا بُداً من أن يتحالفا مع التيار الإسلامى ممثلاً فى الإخوان المسلمين ، ليحصلان علي تأييد شعبى ( نسبى ) لاستمرار تزوير الانتخابات ، الحزب الأول هو الوفد في انتخابات 1984 ليحصل على الترتيب الأول بين أحزاب المعارضة في نتائج هذه الانتخابات ، ثم تراجع ترتيبه عندما تخلى عن هذا التحالف في انتخابات 1987 ، ليحل محله المتحالف الجديد وهو حزب العمل.

4ــ الشراكة فى الوطن مبدأ مفروغ منه ، فهى حقيقة ، ويقرها الإسلام ، وطالما كان هذا المبدأ سائداً ، وخاصةً أنه من منطلق إسلامى ، فبالتالي لا حساسية علي الإطلاق في مناقشة كل ما يتعلق بهذه الشراكة ، أخذاً ورداً في هذا الإطار ، وبالتالي فلا يمكن أن نستدعى الدين الإسلامي لكى يُقر هذه الشراكة ، ثم ننحيه في تفاصيلها وحراكها ، بمعنى أنه إذا ثبت يقيناً مثلاً أن قبطيا أسلم فيجب علي الدولة أن توفر له كامل الحماية ، ومن المرفوض أن تتخلف عن هذا ، وفي المقابل علي قيادات الكنيسة أن تعلن لشعبها أن من يترك مسيحيته فنحن لا نريده ، كما أن الشراكة في الوطن تستلزم من الأقباط لتفعيلها أن ينخرطوا وبفاعلية في جميع أنشطة الوطن والنشاط السياسى في الطليعة ، وعلي الدولة أن توفر المناخ الدافع لهذا ، وهو ما لم يوفره النظام بصورة عملية ، وفي المقابل فمازلت أتذكر كيف وضع التحالف الإسلامي في انتخابات 1987 علي رأس قائمته الانتخابية الأستاذ أسعد عبدالملاك وأين؟ فى أسيوط معقل الجماعات الإسلامية ، ومن أين أتت مبادرة تفعيل هذه الشراكة ؟ من الإخوان المسلمين ، كما لا يستطيع أحد أن ينكر تأييد الإخوان للأستاذ منير فخري عبد النور ، فى انتخابات 2000 ، ثم إخلاء دائرته أيضاً من أى مرشح للإخوان فى انتخابات 2005 ، وكذلك فعل بدائرة الأستاذة منى مكرم عبيد ، ورغم الحديث المستمر للنظام عن الوحدة الوطنية ، فلم يستطع أن يقدم نموذجاً عمليا ً، مثلما قدم التيار الإسلامى المنخرط فى العمل السلمى ، كما يمكننا القول أيضاً أنه قد رسخ تماماً فى وجدان كل سياسى عاقل وحكيم ، أن هذا التيار ورغم ما قدمه من تضحيات وما يتعرض له من أذى وتضييق ، إلا أننا فى الملمات والأزمات يمكننا أن نستدعى قياداته لتقدم خطاب التهدئة للشعب ، كما لا نستطيع أن نغفل دور هذا التيار في الأزمات كزلزال 1992 ، كما لا يستطيع أحد أن يباريه في ( جمع أموال الزكاة والصدقات ) لثقة الناس فيه وذلك لشفافية الإنفاق ، ولحسن اختيار مصارف هذه الصدقات.

وبعد ، فإن ما هو واقع ومشهود أن التيار الإسلامى الذي يرفض العنف وينخرط في العمل السياسى السلمى ، هو الفئة الوحيدة المنظمة والفاعلة بين الجماهير ، أما مدي ما تحوزه من تأييد كمى فلا نستطيع أن نحدده كما قلنا لانعدام استطلاعات الرأي الدقيقة والمحايدة ، ولكن غنى عن البيان ، ومن خلال ما نلمسه في الشارع السياسى والاجتماعى أيضاً في الأزمات ، أننا نستطيع أن نصنف هذا التأييد من حيث الترتيب بين جميع الأحزاب والتيارات المصرية على الإطلاق.

ومن هنا يطرح السؤال العقلانى الآتى نفسه : ألا تمثل التجربة التركية الحالية تشجيعاً ، وأننا إن فعلنا مثلها سنربح مرتين ، الأولى لما تمثله من رغبة شعبية ، والثانية لما ستمثله من نجاحات وخاصة على مستوى المحليات والتي لها مردود مباشر علي تحسين الحياة اليومية للمواطن ، وهل يستطيع عاقل حكيم أن يسقط من حساباته هذا التيار أو غيره من التيارات الوطنية ، أو أن يقصيه أو أن ينحيه ، وإلى متى ؟!

لعلنا جميعاً أصبحنا نتفق على أن أوضاعنا الداخلية العربية أصبحت تحتاج إلى تغيير جذرى ، فى إطار رؤية استراتيجية شاملة ومتكاملة للإصلاح والتغيير ، تأتى فى إطار مصالحة تاريخية بين النظم التى لم ترتكب الكثير والكبير من التجاوزات وبين الشعوب ، تطوى صفحة الماضى ، وتحقق قفزة غير مسبوقة فى تاريخ الأمة العربية كلها ، مصالحة بدون اقصاء لفرد حاكماً أو محكوماً ، أو لفئة أو لتيار طالما كان يؤمن بالتغيير السلمى ، إن التغيير الذى ننشـده سيجعل من المواطن العربى مشاركاً فى النهضة ومراقباً للأداء ومدافعاً عن الحصاد.

ولاشك أننا جميعاً ومع اختلاف أسبابنا ، نتفق على رفض التغيير من الخارج ، الذى ورغم كل الأقنعة يستهدفنا جميعاً فى النهاية ، ولكن يبقى التأكيد على أن الإصلاح الحقيقى الشامل هو الذى سـيدرء خطر الخارج وفتنة الداخل ، فهل نتفق جميعاً على صياغة مستقبلنا بأنفسنا وبدون إقصاء وبالمصالحة التاريخية بين النظم الحالية والشعوب ؟

إن علينا جميعا أن نأخذ العبرة مما آلت إليه منطقتنا من تردى ، ولا نضيع الفرصة تلو الأخرى ، إننى مازلت أتذكر كيف كان الرئيس مبارك وعبر أحاديثه الصحفية يحذر صدام حسين رحمه الله من هول ما سيلقاه وستلقاه معه العراق ، ورغم اختلافى مع الرئيس مبارك حول علانية تصريحاته تلك ، لأنه إذا كان هناك أمل وقتها فى أن يأخذ صدام بذلك النصح رغم شكى فى ذلك ، إلا أن هذا الأمل انعدم تماماً بعلانية تلك التصريحات هكذا يقول علم النفس مع شخصية مثل صدام ، ولكن ما يهمنى اليوم أن أقوله هو إذا طرحنا اليوم سؤالاً يقول كم فرصة للنجاه أضعها صدام رحمه الله على نفسه وعلى العراق وعلى المنطقة بأكملها؟

الفرصة الأولى عندما كان بإمكانه أن يبنى العراق على كافة المستويات ولا يفتعل معاركه التى لا أريد أن أصفها فهو اليوم فى ذمة الله ، والفرصة الثانية بعد انتهاء حربه مع إيران وبدلاُ من أن يأخذ العبر والدروس ويعى من كان ومازال المستفيد من معاركه ، أعد لمعركة نهايته وهى غزوه للكويت ، ورغم كل هذه المعارك ، أقول واتته فرص متتالية وكثيرة للتراجع ولكنه لم يستغلها ، إن ما أطرحه الأن هو سؤال نظرى بحت بالتأكيد ، لأن صدام كان يقيناً على موعد مع قدره وقدرنا جميعاً الذى أراده الله سبحانه وتعالى لنا لأننا نستحقه ، ولكن ما دفعنى لطرح هذا السؤال ، هو أن أُوجه نفس النصح الذى وجهه مبارك منذ ما يقرب من سبع عشرة سنة لصدام ، ولكننى أوجهه اليوم لكل أنظمتنا العربية وبدون استثناء ، أن هل ندرك أنفسـنا قبل السـقوط الأخير ؟!

لايمكن لنا أن ندرك أنفسنا إلا بهذه المصالحة التاريخية بين الأنظمة والشعوب ، ولاتكون هذه المصالحة إلا بإصلاح حقيقى لا وصاية فيه من الفئة القليلة الحاكمة ، ولا إقصاء فيه لفئة أو لتيار بحجة أنه إن تمكن سيستبد كما يروج العلمانيون فى أحاديثهم وكتاباتهم ، ولامجال لمخادعة فى هذه المصالحة بأن نقول مرحباً بالجميع فى انتخابات حرة نزيهة ثم لا يشرف عليها القضاء داخل كل اللجان ، ثم يتم التصنيف خارج اللجان للناخبين والترحيب بالقلة والإقصاء للغالبية!

لقد ثبت بما لايدع مجالاً للشك أن التيارات الإسلامية المعتدلة وعلى امتداد المنطقة كلها كانت سنداً مباشراً أوغير مباشر فى مواجهة الجماعات المتبنية للعنف ، وأن دورها كان مؤثراً بلا شك فى تغيير نهج بعض هذه الجماعات التى كانت تسلك العنف سبيلاً ، فكيف لهذه الجماعات ونحن نخرجها اليوم من المعتقلات وندعوها أن تنخرط فى المجموع ، وهى ترى أن التيار المعتدل يُكافئ بالإقصاء ، فضلاً عما ستواجهه من بطالة وأوضاع اقتصادية مشهودة ؟!

صدقونى إننى أدعو إلى الصدق مع النفس وتوخى الموضوعية والعقلانية وإدارة الفكر بوعى وبنضج بل وبسياسة أيضاً قبل فوات الأوان ، والأهم أيضاً أن الإقصاء عمره قصير ولن يدوم والأخطر أننا لن نجنى من ورائه إلا الخسران ، فالخارج مترصد لنا بل ويؤسس وينظم فى الداخل لأهدافه ، ولن أتهم أحد بالعمالة ولكن هناك الغافلين الذين يوظفهم لأهدافه ، صدقونى إننا فى مركب واحد ، وعلينا أن نعى أن لا عاصم لنا اليوم إلا باتحادنا فى مواجهة التحديات الكبرى التى تواجهنا ، والتى لم تكن فى تاريخنا كله بمثل ماهى اليوم ، ولا عذر إطلاقاً للأنظمة بإقصائها لفئة أو لتيار بمقولة لا دليل عليها بأن هذا التيار لا يؤمن بالديمقراطية ، ففى الأنظمة الديمقراطية كلها هناك من الأليات الدستورية ما تحمى به تلك النظم نظمها الديمقراطية من أى فئة أرادت أن تنقلب عليه ، والجيش والأمن فى هذه النظم هو الأداه القانونية الحارسة للديمقراطية ( الحقة ) وبدون تجاوزات أو تعدى على الحريات أو تدخل سلبى فى الحياه السياسية ، وبإشراف وتوجيه وهيمنة محكمة دستورية مختصة ، فماذا ننتظر لكى نبدأ حوارنا الداخلى الوطنى ، وبدون إقصاء وأيضاً بوضع كل الأوراق على الطاولة ، نعم كل الأوراق ، بما فيها الخيوط والصورة التى لدى الحكام وتخوفاتهم مما يحاك لنا وممن يتربصون بنا ، وكيف أن الحكمة تقتضى ائتلافاً بين من يودون مجابهة مع الخارج ليست فى توقيتها الصحيح وبين الأنظمة التى لم تتورط فى الكثير من التجاوزات ولكنها توفر علاقات لابأس بها مع الخارج توفر بها متطلباً زمنياً نحتاج إليه إلى حين أن ( تُفرض ) علينا هذه المجابهة ونكون قد أخذنا بأسباب قوتنا ، هكذا تقول الحيلة والسياسة بل والدهاء أيضاً ونحن مأمورون بها والله أعلم ، هذه دعوة ( للطرفين ) للتحلى بالعقلانية والموضوعية وقبلهما الصدق مع النفس.

وبعد فلقد أقامنا ومازلنا نقيم حواراً استراتيجياً مع أمريكا ، فألا يجدر بنا أن نقيم مثله مع فصيلِ ِ وطنى ِ حاضر ِ ، لا يمكن بحال ِ إقصائه أو تجاهله ؟!

الحكيم والشاطر ومن يدير فكره مستشرفاً للمستقبل ومحصناً للوطن ، هو من يسارع بإجراء هذا الحوار ، وهو ما يوفر لنا أيضاً أن ننقد بل ونـُقيٍّم ونـُقوٍّم ديمقراطياً هذا الفصيل إذا استلزم الأمر ، وقبل فوات الأوان.



المصريون تنفرد بنشر القصة الكاملة لإسلام "كاميليا شحاتة" زوجة كاهن دير مواس وحادثة اختطافها واختفائها



كتب : أحمد سعد البحيري (المصريون) | 12-08-2010 01:03

حصلت المصريون على تسجيل صوتي من أسرة الشيخ "أبو محمد" ، الأب الروحي لكاميليا شحاتة زاخر ، زوجة كاهن المنيا "تيداوس سمعان" التي أثارت ضجة كبرى في الأسابيع الماضية ، وهو رجل مسن من أهالي أسيوط ومعروف بين أهل الصعيد بمساعدته للرجال أو النساء الذين يريدون إشهار إسلامهم في الأزهر خاصة وأن زوجة ابنه كانت مسيحية وأسلمت ، فهو يعرف الإجراءات ويتطوع لمساعدة الراغبين قربا إلى الله ، وهو الرجل الذي لجأت إليه "كاميليا شحاتة زاخر" زوجة كاهن دير مواس ، حيث بقيت مع أسرته أربعة أيام ثم ذهب بها إلى القاهرة من أجل استخراج شهادة إشهار الإسلام من الأزهر ، وقص "أبو محمد" في التسجيل الصوتي الحكاية كاملة لإسلام كاميليا منذ أول اتصال جرى بينها وبينه وحتى اختطافها بعد تقديمها طلب إشهار إسلامها في الأزهر .

وقال الشيخ أبو محمد في الحوار ـ الوثيقة (تسجيل صوتي) ، الذي تحتفظ المصريون بنسخته ، أن كاميليا كانت قد اتصلت به وتطلب منه مساعدتها من أجل إشهار إسلامها بشكل رسمي في الأزهر ، وأنها لا تعرف الطريقة ولا تعرف أحدا غيره يمكن أن يساعدها في ذلك وبعض أهل الخير دلوها عليه ، فرحب بها ودعاها إلى القدوم للبقاء مع زوجته وزوجة ابنه للتأكد من إسلامها وكتابة إقرار تؤكد فيه على اختيارها الإسلام برغبتها وإرادتها وأنها تريد أن تشهره رسميا في الأزهر ، ويوضح أبو محمد أن هذا الإقرار يطلبه من أي شخص يقصده للمساعدة على إشهار إسلامه حتى لا يتهمه أحد بعد ذلك بأنه خطفه أو أكرهه أو نحو ذلك مما يشاع ، وقال الشيخ "أبو محمد" أن هذا الإقرار الذي كتبته كاميليا بخط يدها قمت بتسليمه بنفسي إلى الجهة الأمنية التي استدعتني للتحقيق بعد تفاعل الأحداث وهو بحوزتها الآن ، وأضاف "أبو محمد" أن "كاميليا" أتت في موعدها ولاحظ أهل بيته عليها الحرص الشديد على دوام الذكر وقراءة القرآن ، كما كانت تتوضأ وضوءها للصلاة قبل كل صلاة بفترة كبيرة استعدادا للصلاة ، وقال : أنه كان واضحا أنها تعرف عن الإسلام الكثير ، من طريقة صلاته ووضوئها وأنها تقرأ القرآن بتجويد منضبط جدا أفضل من كثير من المسلمين ، وأنها أخبرتهم بأنها زوجة كاهن ، وأن زوجها كان يضع أموال التبرعات للكنيسة في حساب شخصي باسمها في دفتر توفير بالبريد ، وأنها قبل سفرها قامت بسحب كامل المبلغ المودع باسمها وقدره خمسة وثلاثون ألف جنيه ، ووضعته في مظروف وتركته في البيت لزوجها مع رسالة تفيد بذلك ، كما تركت ذهبها الشخصي كله أيضا في بيت زوجها وباعت شيئا قليلا منه للإنفاق على سفرها وإجراءاتها ، وأضاف "أبو محمد" أنه سافر بها مع شخص آخر اسمه "أبو يحيى" من أهالي المنيا ، إلى القاهرة قاصدين الأزهر الشريف من أجل إشهار إسلامها ، وقاموا بملئ الاستمارات ووقعت عليها "كاميليا" بما يفيد رغبتها في ترك المسيحية والدخول في الإسلام ، وتم تسليمها إلى الجهة الإدارية المختصة بذلك في الأزهر للحصول على التوقيعات والأختام ، وأضاف أنه لما طالت المدة ناشد الموظفين مساعدتهم لأنهم من الصعيد قدموا من سفر بعيد ، وهو كبير السن وصاحب مرض ، ويريدون العودة وإنجاز الورقة ، فسألوه عن صاحب الشأن أو صاحبة الشأن ، فنطق باسمها ، فجرت همهمه بين الموظفين وقالوا له : لدينا تعليمات بعدم إنجاز أي ورقة تخص هذه السيدة اليوم ، تعالى غدا ، لأن هناك لجنة من القساوسة ستقابلها وتناقشها ، قال : فخرجنا وكانت كاميليا قد لبست النقاب ، وأصبحنا في حيرة ، هل نعود بها غدا وقد يقبضون عليها مثل "وفاء قسطنطين" أم نعود بها إلى الصعيد ، وكانت المظاهرات قد وقعت في المنيا والقاهرة بسبب الموضوع ، المهم أننا قررنا العودة في اليوم التالي إلى الأزهر ، وتركنا "كاميليا" في السيارة في منطقة بعيدة نسبيا وبيننا وبينها الهاتف خشية أن يكون هناك كمين لها ويقبضون عليها ، وذهبنا للدخول في الأزهر فوجدنا الأزهر محاط بقوات أمن كبيرة ، وفوجئنا بمدخل الأزهر وهو مزدحم بالقساوسة داخل الأزهر ومعهم رجال الأمن ، وفوجئت بأحد القساوسة يطلب مني تحقيق الشخصية ، فغضبت جدا وقلت لرجال الأمن : هو أنا داخل كاتدرائية والا داخل الأزهر ، فخجل رجل الأمن الواقف جدا من الكلام واعتذر لنا وتركنا ندخل ، يقول أبو محمد أنه أدرك من المشهد وحشد القساوسة داخل الأزهر أن الأمور لن تسير كما تتمنى "كاميليا" ، كما لاحظ أن أعيننا كثيرة بدأت تراقبه هو وصاحبه حيثما تحركوا داخل الأزهر حتى صلوا فيه وخرجوا ، وتتبعهم بعض من يظن أنهم من رجال الأمن ولكنهم دخلوا بعض المحلات وخرجوا من أخرى حتى زاغوا في الزحام وعادوا إلى السيارة فوجدوا كاميليا في حالة قلق ولكن لسانها يلهج بذكر الله والتسبيح ، فطمأنوها وأخبروها بأن الأمور ستكون صعبة هذه الأيام ، وقال أبو محمد أنه فكر في أن يهربها إلى بلد عربي مجاور مثل ليبيا ، بعيدا عن هذه الضغوط والمشاكل من أجل أن تشهر إسلامها هناك في مأمن ، ولكنه لم يكن معه مال يكفي لذلك ، فسافر إلى أسيوط من أجل الإتيان ببعض المال يساعده على إنقاذ كاميليا ، وتركها في معية أهل بيت مسلمين في القاهرة لحين عودته ، وكان يتصل كل فترة بهم ، حتى انقطع الاتصال فجأة ولم يعد الهاتف يستقبل ، فعرف أنهم وصلوا إليها وقبضوا عليهم ، كما قبضوا على الأخ "أبو يحيى" وتم تسليمها إلى الكنيسة كما أعلن بعد ذلك ، وقال أبو محمد أن بيته تحول إلى مأتم كبير ، خاصة زوجته وزوجة ابنه الذين أحبوا "كامليا" كثيرا وأثر فيهم كثيرا إخلاصها الشديد لدينها الجديد وتضحياتها ونبل أخلاقها ، فكانت ـ حسب قولهم ـ غاية في الأخلاق والأدب وقالوا أنهم على كثرة ما شاهدوا من حالات إسلام جديدة لم يروا سيدة بهذه الأخلاق والتدين ، وفجأة بعد يومين من احتجازها أتاني اتصال قصير منها ، يقول أبو محمد ، كانت من هاتف محمول برقم غريب تؤكد لهم فيه أنها على إسلامها وأنها ستموت عليه ، وطلبت منهم إذا لم تعود أن يصلوا عليها صلاة الغائب ، ثم طلبت منه أن يمحوا رقم هذا الهاتف ولا يتصل عليه ، يقول أبو محمد أنه على الرغم من أن الجهات الأمنية تعاملت معي باحترام ودون أذى ، إلا أنهم هددوني أكثر من مرة بترك هذا الموضوع بالكلية ، ولكني أخبرتهم أني لن أتركه ولن أرد أحدا جاءني يريد الدخول إلى دين الإسلام .

وعن وقتها قبل سفرها للقاهرة كيف كانت تقضيه ، قال أنها كانت تقضيه في الصلاة والذكر والقراءة ، فكانت تحب القراءة كثيرا ، وتطلب منا كتبا دينية تزيد معرفتها بدينها الجديد ، وأكد أبو محمد أنها قالت له أن ابن خالتها كان قد أسلم قبل سنوات وهو يدعو للإسلام ، لكنها لا تعرف شيئا عنه من سنوات ، وقال أن حبها للقراءة والاطلاع كان هو السبب المباشر والرئيسي لإقبالها على الإسلام ، كما حكت زوجته وزوجة ابنه في الشريط نفسه أن رؤيتها للباس المسلمات المحجبات والمنقبات أثر فيها كثيرا وكانت دائما تتمنى أن تلبس مثله ، وكانت تحاول لبس أزياء فضفاضة ومحتشمة إلا أن زوجها الكاهن كان ينهرها ويطلب منها أن ترتدي ملابس "محزقة" ويسخر من لبسها الفضفاض ويصفه بأنه "لبس عبايط" ، وقالت زوجة ابن "أبو محمد" وكانت هي الأخرى مسيحية ، إن كاميليا كانت متعمقة جدا في الإسلام ، لدرجة أني لاحظت أنها تبدأ صلاتها بدعاء الاستفتاح ، كما كانت تطلب مني كتبا كثيرة للقراءة ، ونفت أن تكون قد تحدثت عن خلافات أسرية مع زوجها باستثناء موضوع كراهيته للبس المحتشم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مكانه حواء في المجتمع للروائيه والقاصه سيرين محرزيه الشهابي

- الهلب للمبيدات و الكيماويات " عبد الرحمن السماحى " : عمال شركة الهلب للمبيدات والكيماويات يوقعون اليوم اتفاقا يلبى مطالبهم