حرائق روسيا و "ثورة الخبز" في العالم العربي


توقعات بأزمة خبز عربية

جاء قرار رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بفرض حظر على تصدير القمح، بعد أن تعرضت البلاد لأسوأ موجة جفاف منذ 30 سنة ليزيد القلق بشأن ارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق العالمية، مدفوعة أيضا بتراجع الإنتاج في عدد من دول العالم بسبب الكوارث الطبيعية التي تجتاحها.

ودفعت هذه الأحداث مراقبين إلى توقع نشوب اضطرابات بسبب ارتفاع أسعار القمح ومشتقاته خصوصا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في إشارة إلى تكرار أزمة 2008، عندما قاربت أسعار القمح 13 دولارا للبوشل الواحد (27 كيلو جرام).

وكانت روسيا قد أعلنت أنها تتوقع انخفاض محاصيل الحبوب لديها بنسبة 35% عن العام الماضي بعد أن أتلفت موجة الحرائق حوالي ربع محاصيل الحبوب لهذه السنة في بلاده، ما دفعها إلى حظر تصدير الحبوب خلال الفترة من 15 أغسطس / آب إلى 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري

وفي أخر تطور للأحداث، صرح فيكتور زوبكوف النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي أمس السبت أن بلاده ستبحث بعد أول أكتوبر/ تشرين الأول إن كانت ستمد الحظر الذي فرضته على تصدير الحبوب إلى العام المقبل.

ومن جانبه، اقترح رئيس هيئة مكافحة الاحتكار الفيدرالية الروسية إيغور أرتيميف إلزام مصدّري الحبوب الروس بالمتاجرة بعقودهم في البورصة الروسية حصراً، وكذلك بيع ما لا يقل عن 15% من العقود الداخلية في البورصة الروسية.

أزمة دولية

ويرى مراقبون أن القرار الروسي بوقف تصدير الحبوب سيزيد من ظهور أزمة قمح دولية قد تفضي إلى نقص حاد في الغذاء في عدد من الدول التي تعتمد على استيراده، في هذا الصدد، نقل موقع التلفزيون الألماني "دويتشه فيله" عن الدكتور محمد كامل إبراهيم ريحان أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة عين شمس "إن رد فعل الأسواق العالمية على القرار الروسي كان سريعا، إذا أن أسعار القمح ارتفعت مباشرة بأكثر من 30%"، لكنه أضاف "إن هذا الارتفاع لن يستمر طويلا باعتبار أن زراعة القمح والحبوب غير مرتبطة بفصل بعينه".

مصر أكثر المتضررين




وجاء قرار روسيا بالتخلي عن تعهداتها بشأن صادرات الحبوب إلى بعض الدول في المنطقة العربية وبخاصة مصر ليشكل قلقا شديدا لدى تلك الدول التي تعتمد بشكل كبير على القمح الروسي لتلبية احتياجاتها، حيث تتراوح الكميات التي تستوردها مصر وحدها من السوق العالمي ما بين ستة وسبعة ملايين طن سنويا، منها 50% من روسيا.

بالرغم من مسارعة عدد من الدول العربية مثل السعودية ومصر والجزائر والأردن والإمارات إلى التأكيد على أن لديهم مخزونات كافية وأنه لن يكون هناك تأثير فوري على المواطنين، إلا أن أغلب المحللين يحذر من احتمال تزايد خطر اندلاع أعمال العنف في الشوارع إذا ظلت الأسعار مرتفعة.

وبالفعل أقرت الحكومة المصرية أن ميزانيتها ستتكبد ما بين 400 إلى 700 مليون دولار لتعويض فروق الأسعار في استيراد القمح، فيما أكد السيد أبو القمصان مستشار وزير التجارة والصناعة لشئون التجارة الخارجية ورئيس الجانب المصري للجنة المصرية الروسية أن الوزارة ممثلة في" اللجنة" لا تزال تدرس وضع الكميات المعلقة بين الجانبين، وهى الـ540 ألف طن من القمح الروسي إلى مصر، نافياً صدور أي قرارات من الجانبين حتى الآن بمنع توريد الشحنات المتبقية أو الامتناع عن توريدها.

كما نفى أبو القمصان، وفقا لما أوردته صحيفة "اليوم السابع" المصرية، وجود أي نقص في كميات الاستهلاك من الاحتياطي الموجود في مصر من القمح، وأن هناك الكثير من البدائل من الكثير من الدول والتي بدأت مصر في التعاقد على التوريد من خلالها وأبرزها شحنات القمح الفرنسي التي دخلت إلى مصر في الأيام القليلة الماضية.

و في الوقت الذي خرجت فيه التصاريح الرسمية تؤكد أن الاحتياطي الإستراتيجي يكفى من 3 إلى 5 أشهر ،نقلت صحيفة "المدينة" السعودية عن مصادر داخل مطاحن شرق الدلتا أن مخزون القمح المحلي والمستورد بمحافظات شمال الدلتا الثماني لا يكفي لأكثر من 45 يوما، وأن مخزون القمح المستورد بالصوامع يبلغ 3 آلاف طن، ولا يتجاوز المخزون المحلي 180 ألف طن في الشون.


حظر تصدير القمح

ومن جانبها، حذرت غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية من ارتفاع أسعار المنتجات القائمة على القمح في الفترة المقبلة بسبب الارتفاع العالمي في سعره ووقف تصديره من قبل روسيا، وقالت: إن أسعار القمح ستشهد زيادة بنسبة تصل إلى 50% في الأيام المقبلة.


وأشارت الغرفة إلى أن القطاع الخاص سيتحوّل إلى الشراء من الولايات المتحدة،وهو ما سيؤدي إلى رفع سعر الطن الواحد من 282 دولارًا إلى 340 دولارا لارتفاع تكاليف الشحن، وذكرت أن سعر الطن في مصر سيصل إلى 2000 جنيه بنهاية العام وأن ذلك سيؤدي إلى رفع سلع أخرى كالمكرونة والحلويات وغيرهما.


الشركات الأميركية الرابح الأكبر

ومن المقرر أن تستفيد شركات أميركية مثل ارتشر دنيالز ميدلند "إيه دي إم" من جراء الحظر الذي فرضته روسيا على تصدير القمح؛ ففي مقدور "ايه دي ام"، أكبر شركة في العالم متخصصة في معالجة الحبوب، أن تتدخل لتخفيف نقص الإنتاج الروسي بحسب "كريدي سويس جروب"، كما سيكسب منتجو الأسمدة من زيادة مبيعاتهم للمزارعين بحسب جو نيدهام نائب رئيس شركة "اندرسونز" لمعالجة الحبوب، كذلك ربما تلجأ "كيلوج" و"جنرال ميلز" إلى زيادة أسعارها لتعويض ارتفاع التكاليف.

وفي هذا الصدد، يقول نيدهام: "هذا لمصلحة المزارعين الأميركيين والشركات الزراعية الأميركية، إذا زاد الإنتاج لابد من شراء البذور واستخدام مزيد من الأسمدة والمصاعد لمناولة الحبوب".

وينتظر أن تنتج الولايات المتحدة، رابع أكبر دولة منتجة للقمح في العالم وأكبر مصدر له 2.2 مليار بوشل في السنة التي بدأت في أول يونيو / حيزران ، بحسب توقعات وزارة الزراعة الأميركية في 9 يوليو/ حيزران ، بينما كانت توقعات يونيو 2.1 مليار بوشل.

الشركات الأمريكية المستفيد الأكبر

ومن جانبه، يقول دينيس جارتمان الخبير الاقتصادي "هذا وضع يختلف عما شهدته طوال الخمسة وثلاثين عاماً التي عملتها في أسواق الحبوب، وستكون من أكثر السنوات ازدهاراً للزراعة الأميركية وربما في تاريخها".

التفاؤل الصيني


وفي الصين، أكد مسئول في "لجنة الدولة للتنمية والإصلاح" إلى أن السوق الدولية للحبوب متوازنة من ناحية العرض والطلب، وعليه فلا احتمال لحصول زيادة حادة في الأسعار، وعزا الارتفاع الحالي في سعر القمح العالمي إلى المضاربات السوقية القصيرة الأجل، مؤكدا أن الأسعار ستعود إلى المستويات الطبيعية بعد الانتهاء التدريجي لتحرّكات المضاربة.

ووفي تصريح لوكالة الأنباء الصينية "شينخوا" أكد المسئول الصيني أن في إمكان بكين الوفاء باحتياجها من القمح، لأن غالبية حقولها تزرع الحبوب، لكنه لفت إلى أن على السلطات إيلاء اهتمام خاص بظروف المناخ المتطرّفة التي يمكن أن تسبب تأثيرات سلبية في الإنتاج

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اية الشيخ تؤكد علي ضرورة الأهتمام برأي الأطفال لتكوين شخصية قويه

- الهلب للمبيدات و الكيماويات " عبد الرحمن السماحى " : عمال شركة الهلب للمبيدات والكيماويات يوقعون اليوم اتفاقا يلبى مطالبهم

جمعية حماية تناشد جموع المصريين بالوقف خلف القيادة السياسية للبلاد